الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً } * { إِن تُبْدُواْ شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } * { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً }

{ يا أيُّها الَّذين آمنُوا لا تَدخُلوا بيُوت النبي إلا أن يُؤذن لكُم إلى طَعامٍ غَير ناظرينَ إناه } نزلت الآية فى شىء مخصوص يفعلونه، فنهاهم عنه، وهو أنهم يدخلون بلا إذن بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الطبخ، فينتظرون تمام طبخه ليأكلوا، ويدخل من يدخل بإذن يأذن له، وهو يظن أن لا يلبث فيلبث الى أن يتم الطبخ حتى يتم، أو فى غير وقت الطبخ بإذن لحاجة، فيخرج بعدها، كان الطبخ أو لم يكن أو دخل بإذن وقعد بإذن بعد الأكل لحاجة أو أذن بعد تمامه، فلا يحرم ذلك.

وعن ابن عباس رضى الله عنهما: نزلت فى ناس من المسلمين، يتحينون طعام النبى صلى الله عليه وسلم فيدخلون عليه قبل الإدراك، ثم يأكلون ولا ينصرفون، ويتأذى صلى الله عليه وسلم بذلك، ويروى أنه أطعم صلى الله عليه وسلم على زينب بنت جحش تمراً وشاة.

قال أنس: هاجر النبى صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر، ومات وأنا بن عشرين، وأمرنى أن أعود الناس ففعلت حتى لا أجد من أدعو، وبقى ثلاثة رجال يتحدثون بعد الأكل، فخرج النبى صلى الله عليه وسلم ليخرجوا وخرجت معه، حتى أتى باب عائشة ورجعت معه، الى باب زينب ولم يخرجوا، ثم رجع الى باب عائشة ورجعت معه، رجع فوجدهم خرجوا، فدخل ودخلت معه، فأرخى الستر وهو يقول: " يا أيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم " الى " من الحق " ويقدر الحرف قبل أن، أى إلا بأن يؤذن، أو لأن يؤذن، أو يقدر مضاف أى إلا وقت أن يؤذن، فالمصدر المأول يقدر منصوباً على النيابة عن المضاف، لا على الظرفية، كجئت طلوع الشمس، لأن نصب المصدر على الظرفية مشروط فيه أن يكون صريحا، وأجازه بعض ولو غير صريح كالآية، وعليه الزمخشرى، وهو محجوج بالذوق، وبعدم السماع، وكونه إماماً فى العربية لا يدفع ذلك عنه، ولو سمع جئت إن طعلت الشمس لقدر مضاف، أو لام التوقيت، أى وقت أن طلعت، أو سمع أجىء إن تطلع لقدر وقت أن تطلع، أو لأن تطلع، واستثناء شيئين فصاعداً بأداة واحدة بلا عطف ولا إبدال غير جائز، نحو: ما جاء أحد إلا زيد عمرو، ولو سمع نحو: ما أعطيت أحداً إلا شيئاً زيد دانقا لقدر عامل، أى أعطيته دانقاً.

وأجاز بعض هذا المثال ونحوه فقط، ولو سمع ما ضرب زيد إلا عمراً بلا موجب، لقدر ضربه بلا موجب، وليست الآية من استثناء متعدد فان الى طعام متعلق بيؤذن، وغير حال من الكاف، وإناه مفعول الناظر، وليست مستثنيات، وعدى يؤذن بالى لتضمنه معنى الدعاء، ولا يعارض أن دعا يتعدى بنفسه وأذن تعدى باللام، وإنا اسم زمان مفعول به فقيل: هو مقلوب آن وقيل: إناه غايته وتمامه.

السابقالتالي
2 3 4 5