الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ }

{ ما جَعَل } خلق { اللهُ لرجلٍ مِن قلبَيْن في جَوفه } قيل لانه لا يخلو اما ان يفعل بهذا القلب كل ما يفعل الاخر: فأحدهما لا حاجة اليه، واما ان يفعل به ما لا يفعل بالاخر، فيكون راضيا كارها، جاهلا عالما، بخلاف اليدين مثلا فانه يحتاج اليهما معا فى العمل الواحد من الاعمال، وذكر القلب يغنى عن ذكر الجوف، لكن ذكر لتأكيد التصوير كانه مشاهد كقوله تعالى:ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } [الحج: 46] ومن صلة فى المفعول به، واذا لم يكن للرجال قلبان فأولى ان لا يكونا للمرأة والصبى قبل كبره.

نزلت فى انه صلى الله عليه وسلم سها فى صلاته، وقال كلمة بلا عمد فقال من يصلى معه من المنافقين له: قلبان: قلب قلب معكم، وقلب مع اصحابه، الا ترون الى كلامه فى الصلاة، روى مثله احمد والترمذى والطبرى عن ابن عباس، او نزلت فى ابى معمر الفهرى، يقول اهل مكة: له قلبان لقوة حفظه، وهو جميل بن أسد، او ابن أسيد بالتصغير، وسماه ابن دريد عبدالله بن وهب، وزعم بعض ان ذا القلبين جميل ابن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى، وقيل حارثة ابن حذافة، وكان ابو معمر يقول: ان لى قلبين افهم باحدهما اكثر مما يفهم محمد صلى الله عليه وسلم، ومر منهزما يوم بدر بأبى سفيان، فساله فقال: ان الناس ما بين مقتول ومنهزم، وقال: ما بال احدى نعليك فى رجلك والاخرى فى يدك؟ فقال: ما ظنتها الا فى رجلى، فأكذب الله قوله وقولهم فيه، واسلم بعد.

او نزلت فى جماعة يقولون: لى نفس تأمرنى ونفس تنهانى، او نزلت فى هؤلاء كلهم، وقيل: من حق التقوى الى امرت بها ان لا يكون فى قلبك تقوى غير الله تعالى لانه ليس للمرء قلبان يتقى بواحد ربا، وبالاخر غيره، وقيل: مثال بان لا يكون لرجل امان، ولا يكون رجل واحد ابنا لرجلين، كما لا يكون له قلبان، فذلك نهى عن الظهار.

{ وما جَعَل } صير { أزواجكم اللائي تَظاهرون منهنَّ أمَّهاتِكم } الاصل تتظاهرون، ابدلت التاء الثانية طاء، وادغمت فى الظاء، ومعنى تظاهر انت ظهر امى مثلا، كأفف قال: أف، ولبى قال: لبيك، وكان الظهار طلاق الجاهلية، والظهر فى كلامهم ذلك بحسب الاصل مجاز عن البطن، لان الجماع من جهة البطن، والعلاقة الجوار، ولان الظهر عمود البطن، او ذكروا الظهر لانه محل الركوب، والمرأة تركب عند الجماع من جهة البطن، والمعنى انت محرمة على لا أركبك، كما لا أركب ظهر الام، او لان جماع المرأة فى قلبها من ظهرها حرام عندهم، وقيل: كنوا بالظهر عن البطن لانهم يستقبحون ذكر الفرج وما يقرب منه، ولا سيما فى الام، ويقال: ظاهرها وظاهر منها، وقيل: من لتضمن معنى التباعد.

السابقالتالي
2 3