الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً }

{ يا أيُّها النَّبي قل لأزواجكَ إن كُنتنَّ تردْن الحياة الدنيا } توسيع التنعم فيها { وزينَتها } من الحلى والحلل وسائر الزخارف، عطف خاص على عام { فتعالَيْن } اقبلن الى بقلوبكن، كما تقول: أقبل يخاصمنى، ذهب يكلمنى، قام يأمر وينهى، وجاء يقول، ولم ترد حقيقة القيام، واصل تعال عالج الصعود الى موضع عال او بالغ فيه { أُمَتِّعْكُنَّ } مجزوم فى جواب فعل الامر، وتعالين جواب إن، او امتع جوابها، وفتعالين اعترض مقرون بالفاء كقوله:
واعلم فعل المرء ينفعه   أن سوف يأتى كل ما قدره
وعندى انه لا تثبت، واو الاعتراض ولا فاء الاعتراض لان الاعتراض ليس معنى يوضع له حرف، وما اوهم ثبوتهما فإنه يأول بانهما للعطف، ولو قبل تمام المعطوف عليه، كقولك ان قام ويقعدا اخواك، فان يقعدا ليس معطوفا على قام، بل على قام اخواك، او يأول الواو بواو الحال او بالعطف على محذوف مجرد من عاطف، او تأول الفاء بأنها فى جواب شرط، او بانها عاطفة على محذوف مجرد من واو او فاء او عاطف، وكذلك تثبت واو الاستئناف، لان الاستئناف ليس معنى يوضع له الحرف، وان أبيت الا العناد فقد اطلعت بعد قولى بذلك، على ان ابن هشام قال: ان الاستفتاح ليس معنى، ومعنى ألا الاستفتاحية التأكيد والتنبيه، ومعنى لام الابتداء التأكيد، ومعنى من الابتدائية ان الفعل مبدؤه كذا من زمان او مكان، والتمتيع واجب عندنا وعند ابى حنيفة للتى طلقت قبل المس، ولم يعرض لها، ومستحب للمحسوسة، والتى فرض لها، وعن سعيد بن جبير: المتعة واجبة لكل مطلقة الا المفتدية والملاعنة، وهى درع وملحفة وخمار، والبسط فى الفروع كشرح النيل.

{ وأسَرحكنَّ سَراحاً } تسريحا { جَميلاً } شرعيا لا ضرر فيه ولا بدعة، وهو الطلاق الذى هو كذلك، وبلا خصام والتسريح سبب للتمتع، فالاصل تقديمه، ولكن قدم التمتيع ايناسا لهن، وجبرا لانكسارهن، وقطعا لعذرهن من اول الامر، لمناسبة ما قبله من الدنيا، ولانه لو قدم التسريح لكان كالانتقام، فلا يخلو الاختيار عن شائبة الاكراه، كما انه وصف التسريح بالجميل للابعاد عن تلك الشائبة، ولا يتبادل ان ارادة الدنيا كالطلاق، فيكون قد قدم الطلاق على التمتيع.

ولما فتح الله عز وجل وهو الفاتح العليم قريظة والنضير، ظنت نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم انه اختص بنفائس اليهود وذخائرها، فقعدن حوله وقلن: يا رسول الله بنات كسرى وقيصر فى الحلى والحلل والاماء والخول، ونحن ما نراه من الضيق والفاقه، وظنن انه يعاملهن معاملة الملوك، وتألم بذلك وسكت، ودخل الصديق وعمر، فقال: اكلم بما يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله لو رأيت ابنة زوجى سألتنى النفقة آنفا فوجأت عنقها، فضحك النبى صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجده فقال:

السابقالتالي
2