الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً } * { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً }

{ وأنَزل الذين ظاهروهم } اعانوا الاحزاب { مِن أهْل الكتاب } المراد بنو قريظة عند الجمهور وهو الصحيح، وقيل: بنو النضير { مِنْ صَياصِيهِم } حصونهم استعار لها الصياصى الموضوع لكل ما يمتنع به، كالقرون للثور والظبى، وشوكة الديك فى رجله لجامع الامتناع { وقَذَف } ألقى { في قُلُوبهم الرُّعْب } الخوف الشديد حتى اسلموا انفسهم بلا امتناع ولا مخالفة للقتل، واموالهم للسلب، واهلهم واولادهم للاسر كما قال: { فريقاً تقْتُلون } وهم الرجال { وتأسرون فريقاً } النساء والصبيان، وانزالهم من الصياصى عبارة عن اذلالهم على طريق الاستعارة التبعية، وقذف الرعب سبب له، واخره لان السرور بانزالهم اكثر، فالاخبار به اهم للمؤمنين، كما ان القتل للرجال اهم، فقدم على عامله وعلى الاسر، ولانهم مساق التفصيل، وقدم الاسر على فريقا، لانه اهم، ولو قدم فريقا لتوهم قبل ذكر تأسرون انه يقال فى القراءة بعد ذلك تهزمون وللفاصلة، وليتصل القتل والاسر بلا فضل.

روى ان جبريل عليه السلام، جاء صبح يوم الانهزام او ظهره، رسول الله صلى الله عليه وسلم عند زينب، وقد غسلت نصف رأسه معتجراً بعمامة استبرق، على بغلة فوقها قطيفة ديباج، وقال: هل وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال: عفا الله عنك، ما وضعت الملائكة وما رجعت الى الآن من طلب القوم، وان الله يأمرك بالمسير الى قريظة، وإنى ازلزل حصونهم، فأذن لا تصلوا العصر الا فى قريظة، واستخلف ابن ام مكتوب على المدينة، واعطى عليا الراية، وأسرع الناس اليه: ولما دنا من الحصن سمع فحشاً عليه صلى الله عليه وسلم فرجع اليه فقال: يا رسول الله ما عليك ان تدنوا من هؤلاء الاخابث، فقال: لعلك سمعت اذى؟ قال: نعم يا رسول الله، قال لو رأونى لم يقولوا، فدنا فقال: يا إخوان القردة هل اخزاكم الله وانتقم منكم؟ قالوا: يا ابا القاسم ما كنت فاحشا ويروى ما كنت جهولا.

وقد مر بنفر من أصحابه فقال: هل مر بكم احد؟ قالوا: يا رسول الله دحية الكلبى على بغلة بيضاء، عليها قطيفة ديباج، فقال: ذلك جبريل يزلزل بقريظة ويرعبهم، ونزل على بئر يقال لها: انا، بناحية اموالهم، ولحقه رجال بعد العشاء، ولم يصلوا العصر لقوله: صلوا العصر فى قريظة، وقد اشتغلوا جهدهم بأمر السير للحرب، فصلوها ولم يعاتبهم، وحاصرهم خمسا وعشرين ليلة، وقيل احدى وعشرين، وقيل خمسة عشر، واشتد خوفهم وفيهم حى بن أخطب، وفاء لعهده لكعب بن أسد، وأيقنوا ان لا ينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال كعب: تابعوا الرجل: فوالله لقد تبين لكم انه نبى مرسل فى كتابكم لتأمنوا، فقالوا: لا نفارق التوراة، فقال: اقتلوا أبناءكم ونساءكم فنخرج اليه غير خائفين عليهم أن متنا، وان ظفرنا اتخذنا نساء واولاداً، فقالوا لا خير فى العيش بعد هؤلاء، فقاتلوه الليلة غافلا فلا يظن انا لا نقاتل ليلة السبت، فقالوا: لا نحدث فى السبت فيصيبنا ما اصاب من احدث فيه، فقال: لا حزم فيكم ضيعتم الحزم.

السابقالتالي
2 3 4