الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ }

{ أم يقُولُون افتراهُ } إضراب ابطالى متعلق بقوله:لا ريب فيه } [السجدة: 2] فانهم اثبتوا الريب فى الكتاب وقالوا: انه ليس من الله، ونفى الله عز وجل ان يكون اهلاً للريب، اى لا ريب فى كونه منزلا من رب العالمين { بل هو الحقُّ من ربِّك } عجز البلغاء عن الايتان بسورة منه { لتُنْذر قوماً } يتعلق بمحذوف، اى انزله لتنذر، او بما يتعلق به من رب، وهو استقرار الخبر او الحال، او بتنزيل على جواز الاخبار عن المصدر قبل تمام معموله للتوسع فى الظروف، على ان تنزيل مبتدأ باق على المصدرية، اى لتنذر عقابا على تعدية لاثنين كقوله: وهو الرحمن الرحيم فأنذرتكم نارا، او يقدر لتنذر بالعقاب والقوم قريش.

{ ما أتاهم مِن } صلة فى الفاعل { نذيرٍ من قبلك } والجملة نعت قوما، والنذير الرسول لا مطلق المنذر، كالعالم، ولو غير رسول، لان قريشا لا تخلو من منذر منهم او من غيرهم، واما الرسول فلا رسول منهم متصديا اليهم قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا متعبدين بشرائع من قبله، ولم يهتدوا، وقصروا فى البحث عما تعبدهم الله به، وعلى ان موسى وعيسى لم يرسلا الى الناس كلهم، يكونون متعبدين شريعة ابراهيم واسماعيل، وقد قيل: لم يزالوا عليها الى ان فشت عبادة الاصنام التى احدثها عمرو الخزاعى لعنه الله، ولم يبق فيهم الا اقل قليل، فدخلوا فى قوله تعالى:وإنْ من أمة إلاَّ خلا فيها نذير } [فاطر: 24] اى منهم او من غيرهم، وانقطع الانذار كما تقرر عنهم، ان حكم نبوة كل نبى ينقطع الا نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم.

قلت: تنقطع ايضا عند قرب الساعة، حتى لا يوجد من يقول لا اله الا الله، والذى يظهر انه لا تنقطع دعوة نبى، بل لا بد من بقاء منذر ولو قليلا فى اهل الفترات، وقد روى ان زيد بن عمرو بن نفيل من بنى عدى من قريش، والد سعيد، اجتمع بالنبى صلى الله عليه وسلم قبل نبوته وآمن بنبوته قبل مجيئها، لعلم بها حصل له، او كان على دين ابراهيم، وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات قبل النبوة بخمس سنين، وقريش تبنى الكعبة، قالت اسماء بنت ابى بكر: لقد رايت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره الى الكعبة يقول: يا معشر قريش، والذى نفسى بيده ما اصبح منكم احد على دين ابراهيم غيرى، وكان يقول: اللهم انى لو أعلم احب الوجوه اليك عبدتك به، ولكنى لا اعلم، ثم يسجد على راحلته، وكان يعيب على قريش ذبحهم لغير الله تعالى، ولم يأكل مما ذبحوا لغير الله.

السابقالتالي
2