الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلْمَآءَ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنفُسُهُمْ أَفَلاَ يُبْصِرُونَ }

{ أو لَم يَروا } اعموا ولم يروا { أنَّا نسُوق الماء } بسوق السحاب، فيمطر او نمطره من السحاب، او نسوقه بالسيول، او باجرائه من العيون { إلى الأرض الجُرز } اى التى كان فيها نبات فجزر اى قطع بالاخذ او اكل الدواب او بانقطاع الماء، والجرز القطع، وقيل المرد التى قطع نباتها اى زال بعدم الماء، والمراد اى ارض كانت، وعن الحسن: اراض بين اليمن والشام، وعن ابن عباس: أرض باليمن، امرهم الله ان يعتبروا بهن، والصحيح العموم ليعتبر بأى ارض جرز، من شأنها ان تنبت لا سبخة من رآها فى اى موضع { فنُخْرج به زرعاً } اصله مصدر، والمراد المزروع زرعه الله بذر ذلك النبات، او زرعه الناس ببذرهم، وقد يفسر به خاصة، لانه اشرف كالبر والشعير، والعموم اولى، فان اهل البدو محتاجون ال النبات مطلقا، وهم ايضا يزرعون الحبوب، الا ترى الى قوله: { تأكُل منْه أنعامهُم } فان غالب قوتها مطلق للنبات البدوى، ويشاركوننا فى ورق النبات الذى نزرع وغصونه كالتبن والفصيل، وبعض الحبوب المخصوصة.

والا ترى كيق قدمها والقرى تعمر بالبدو، والانعام تتغذى بذلك والانسان يتغذى احيانا، وفى بعض المواضع بغير النبات، بل وبغير ما يخرج من النبات وينمو به، كلحم الحوت، وألا ترى انها تأكل من النبات قبل ان يثمر ايضا، فلتلك الامور قدم الانعام، وقيل قدمها للترقى الى الاشرف، وهو ابن آدم { أفلا يُبْصرون } اعموا فلا يبصرون، او يبصرون بأعينهم فلا يبصرون بقلوبهم، وجعل الفاصلة يبصرون لمناسبة بدأها بالرؤية، ولمقابلة الفاصلة قبلها الى بالسمع، وترقيا فى الوعظ فان الابصار اعظم من السمع لما فيه من المشاهدة.