الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

{ ومِن النَّاس } من للتبعيض، وجعل بعضهم من التبعيضية اسما مضافا لما بعدها { من يشتري لهَو الحَديث ليُضِلَّ } غيره { عَن سبيل اللهِ } اى دين الله، اى يثبته فى الضلال، سواء كان فيه من قبل، او يجره اليه والعطف على ما قبل، كأنه قيل من الناس مهتد هاد، ومنهم ضال مضل، واللام للتعليل لا للعاقبة، ولهو الحديث ما اشغل عن عبادة الله تعالى من التحدث ليلا او نهارا بما ليس طاعة، ولا لفائدة مباحة، ومن الاضاحيك والخرافات والغناء ونحو ذلك، والنميمة والغيبة اذا لهى بهما تكفها، وكالكلام فى المسجد، قال صلى الله عليه وسلم: " الكلام في المسجد، أي بغير ما لا بد منه ولا عبادة، يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب اليابس " ويروى كما تأكل الدابة الحشيش.

وعن الضحاك لهو الحديث: الشرك، وقيل السحر، ولا يحسن هذان التفسيران، والاخر ابعد، والاشتراء الاختيار والاستبدال عن القرآن، والذكر على سبيل الاستعارة، وقيل الشراء حقيقة يشترى بماله عبدا يغنى له، او امة آلة الغناء، او يعطى الاجرة لمن يغنى، اى يشترى آله لهو، وهى الامة او البعد او المزمار، ولا يمنع من كون الانسان آلة، فصاحب الامة مثلا يتوصل بها الى حصول الغناء.

روى ان النضر بن الحارث مغنية، وكل من اراد الاسلام اتاها به، وقال: غنى له واطعميه واسقيه، وقال له: هذا خير لك من الصلاة والصوم والقتال بين يدى محمد صلى الله عليه وسلم، وكان يسافر الى فارس فيشترى كتب اخبار العجم، فيحدث بها قريشا، ويقول: محمد يحدثكم عن عاد وثمود، واذا احدثكم بحديث رستم واسفنديار، والأكاسرة فيميلون اليه عن استماع القرآن، واشترى ابن اخطل جارية تغنى بالسب، فنزلت الاية فيهما وفي امثالهما، والجمع فى اولئك لهم عذاب مهين مناسب لتلك الجماعة، بل لا ينافى فى الافراد كالنضر وحده او كابن اخطل وحده، لان الله تعالى يشير فى القرآن الى النوع، ولو لم يكن إلا فرد واحد منه، وايضا لذلك الفرد جماعة تقبل قوله، فهم مثله.

وفى مسند البيهقى، عن ابن مسعود اذا ركب الرجل الدابة ولم يسم، ردفه شيطان فقال: تغنه، وان لم يحسن قال: تمنه، وسأل رجل القاسم بن محمد عن الغناء اهو حرام؟ فقال: انظر يا اخى اذا ميز الله تعالى الحق والباطل فى ايهما يكون، وعنه: " لعن الله المغنى والمغنى له " وفى مسند ابى داود، عن ابن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ".

وروى ابن ابى الدنيا، وابن مردويه، عن ابى امامة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2