الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ }

{ يا بنيَّ إنَّها } اى القصة { إنْ تكُ مثْقال } فاعل تك، ولا خبر لتلك، وانت مثقال لانه بمعنى الزنة او الحسنة والسيئة، او لاضافته لمؤنث وهو قوله: { حبةً } اى ما يساويها فى الثقل من حسنة او سيئة، او المراد بالمثقال الموزون المتعارف به { من خَردل } حب معروف { فتكن في صَخْرة } فى داخلها { أو في السماوات } فى داخل احدى السماوات، او المراد بالذات السماء السابعة، لان ما فيها هو فيهن { أو في الأرض } اى فى داخلها، ويحتمل الجنس الشامل لسبع ارضين على حد ما مر فى السماوات من التضمن، او اراد السابعة، والمقام للمبالغة، فلا يبعد ان يراد اخفى موضع فى ذلك كمحدودب السماوات، ومقعر الارض السابعة.

ذكر الصخرة لمشاهدتها مع عسر الاخراج منها، ثم السماوات لبعدها بالعلو، وهى أشد امتناعا من الصخرة، ثم كونه فى ظلمة بعض الارض لقوة الظلمة، حتى لو حضر احد فى بطنها لم ير ما فيه، فكيف وقد احتجب، فذلك على سبيل الترقى، والمراد مطلقة الصخرة لا صخرة تحت الارض عليها الارض، ولا صخرة عليها بحر عليه نون، والصخرة على ثور، والثور على الثرى، والماء اخضر لخضرة تلك الصخرة، فانا لا نعلم صحة ذلك، وخضر الماء انما هو لتراكمه، وان كانت فلم اخضر الماء وحده منها؟ ولم لا يخضر من فيه؟ ولم كان يخضر وهو لا يقابلها.

{ يأت بها الله } يحضرها ويحاسب عليها فاعلها، والمراد باحضارها المعبر عنه بالايتان بها اخبار فاعلها بها فيقر، ومن زعم ان الافعال تجسم يوم القيامة، فالاحضار على ظاهره الا انه ايضا يقر فاعلها بها، او المراد نفس الحبة الممثل بها للحسنة والسيئة { إنَّ الله لَطيفٌ } دقيق علمه، يدخل كل خفى { خَبيرٌ } عالم بكنه كل خفى، او يعلم محل تلك الحبة المثل بها، ويقال: هذه الكلمة اخر كلمة قالها، فانشقت مرارته من هيئتها وعظمتها، ومات، ويروى انه لما وعظ لقمان ابنه بقوله: { يا بني إنها إنْ تك } الآية اخذ حبة من الخردل فالقاها فى عرض اليرموك واد بالشام، ومكث ما شاء الله عز وجل، ثم ذكرها وبسط يده لحاجة، او طلبا لها فاقبل بها ذباب فوضعها فى راحته.