الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هَـٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ ٱلظَّالِمُونَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ ٱلْحِكْمَةَ أَنِ ٱشْكُرْ للَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }

{ هذا } ما ذكر من السماوات والارض والماء والنبات { خَلْق الله } مخلوقه { فأروني } عطف انشاء على اخبار، او اذا علمتم ذلك فأرونى اى اعلمونى لا اظهروا لى، لان الاظهار ليس قلبيا فلا يتعلق بالاستفهام بعد { ماذا خَلَق الَّذين من دونه } اى الاصنام، وجمع العقلاء مجاراة على مقتضى عمهم، او تغليب للعقلاء ممن عبد من دون الله، كالملائكة وعزير وعيسى، وماذا اسم واحد مفعول لخلق، وجملة خلق الذين معلق عنها اروا بالاستفهام، او ما مبتدأ وذا خبر او بالعكس، وخلق صلة ذا، وهو اسم موصول، والجملة معلق عنها، واجاز بعض ان ماذا اسم واحد موصول بجملة خلق، الذين مفعول ثان، وهو سهو لخروجه عن الصدر، وهو مفرد لا جملة معلق عنها.

{ بل الظالمون } مطلقا فيدخل هؤلاء بالاولى، او هم المراد وضعا للظاهر موضع المضمر ليذمهم باسم الظلم، ويزجرهم وغيرهم بذكره { في ضلال مُبينٍ لقد آتينا } أعطينا بالهام او بوحى او بتعليم { لقمان الحكمة } لفظ عجمى، وقيل عربى من لقم، لان العرب قد تسمى بأسماء وغيرها، وغيرها قد يسمون باسمائها قصدا اليها، ولعاد لقمان الاخر، وهم عرب، فهو من اللقم فليكن الذى فى السورة كذلك، وهو لقمان بن باعوراء ابن ناحور بن تارخ، وهو آزر فهو من اولاد آزر، وقيل، ابن اخت ايوب عند وهب، او ابن خالته، وبه قال مقاتل.

وقال السهيلى: ابن سرون، عاش الف سنة، وادرك داود عليه السلام، واخذ منه العلم، وكان يفتى، ولما بعث داود عليه السلام ترك الافتاء فقيل له، فقال: الا اكتفى اذا كفيت، وكان قاضيا فى بنى اسرائيل، وروى انه نودى فى نومه نصف الليل: هل لك يا لقمان ان اجعلك خليفة للحكم بين الناس؟ فقال: ان خيرنى ربى قبلت العافية، وان عزم على فسمعا وطاعة، وانى اعلم ان الله تعالى يسددنى، فقالت الملائكة: لم امتنعت من الحكم؟ قال: لان الحاكم يغشاه الظلم من كل مكان، فيخطأ طريق الجنة، ومن اختار شرف الدنيا فاته شرفها وشرف الآخرة، وعجبوا من كلامه، ونام نومة فأصبح ينطق بالحكمة، ونودى داود بعده فقبلها فأخطأ مرارا، وعفا الله تعالى عنه.

وقيل: كان بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم، والاكثر انه كان فى زمان داود عليه السلام، وليس نبيا خلافا لعكرمة والشعبى، والاكثرون انه عبد، والعبد لا يكون نبيا، فعن ابن عباس: عبد حبشى، واخرج ابن مردويه، عن ابى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّه عبد حبشي " وعن جابر بن عبدالله: انه من النوبة، وعن سعيد بن المسيب: انه من سودان مصر، قال خالد بن الربيع: كان نجارا بالراء المهلة، وقال الزجاج: كان نجادا بالدال المهلة، وهو من يعالج الفرش والوسائد ويخيطهما، وقيل: خياط، وهو اعم وبه قال ابن المسيب، وقيل: عبد لبلخشخاش يرعى الغنم: وعن ابن عباس: كان راعيا، وقيل: حطابا يتحطب كل يوم حزمة لمولاه.

السابقالتالي
2