الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ ٱلأَرْضَ وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

{ أو لم يَسيرُوا } اتهاونوا بالامر، فلم يسيروا للاعتبار بعد هذه المواعظ والدلائل المزعجة، والاستفهام توبيخ، او ابطال { في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة، الذَّين من قبلهم } من الامم المهلكة كعاد وثمود، يعنى ساروا وشاهدوا، ولم ينتفعوا { كانُوا أشد منهم قوَّة } فهم اجمع الدنيا، واقدر على التمتع بها { وأثارُوا الأرضَ } قلبوها للحرث والغرس، واستخراج المعادن والمياه.

{ وعَمرُوها } بالنبات بالبناء { أكْثر ممَّا عَمرُوها } مما عمرها هؤلاء زمانا، كما وكيفا، او العمارة الاقامة فيها، والسكنى وما تقدم هو من لوازمها والتفضيل على بابه، فلا تهكم ان اريد الاقامة، وعلى الاول يمكن التهكم باستخراج المعادن فقط، بل ربما استخرج اهل مكة معدنا، ولو حجر او ترابا مخصوصا، فلا تهكم، بل يجوز التفضيل بما لم يكن للمفضل عليه، نحو زيد اكثر منك مالاً لك بقر، وله غنم وبقر، وكونهم بواد غير ذى زرع خائفين التخطف قصار الاعمار لا يخرجهم عما تحقق منهم من بناء وحرث وغرس وانتفاع بما ما.

{ وجاءتهم رسُلُهم بالبينات } الآيات المتلوة، والمعجزات فكذبوهم فأهلكهم الله لتكذبيهم لا ظلما كما قال: (فما كان) الخ { فما كان الله ليظْلمَهُم } ليس اهلا للظلم والهلاك بلا جرم ظلم، تعالى الله عنه، وله اهلاك من شاء بما شاء، من نار او غيرها، ولا يون ظلما، وانما الظلم ان يهلكهم اهلاك غضب وهجر، واهلاك المطيع له اذا وافقه مع المغضوب عليهم واقع، وليس اهلاكه واهلاكهم واحدا الا صورة، ولا خلاف فى ذلك، وان هلك المطيع بهلاكهم لعدم امره ونهيه، فهو منهم لا من المسألة، وقال الاشعرية: الاهلاك من غير جرم ليس ظلما، لان الله تعالى مالك يفعل فى ملكه ما يشاء، فان ارادوا غير ما ذكرت اخطأوا، لان ذلك غير حكمة فلا يفعل في حكمه ما ليس بحكمة، فلو ادخل المطيع النار، والعاصى الجنة، لم يكن ذلك حكمة، { ولكن كانُوا أنْفُسهم } لا الرسل فالتقديم للحصر، والفاصلة { يظلِمُون } بفعل موجب العذاب.