الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

{ ظَهَر الفَسَاد في البرَّ والبَحْر } كالجدب وانقطاع مادة البحر، وموت الحيوان، كثرة الغرق والحرق، وخيبة الصائد للحوت والوحش، والغائص على اللؤلؤ، وانتقاء البركة من الاشياء، وقلة المنافع، وكثرة المضار، وقلة المطر، واذا انقطع عميت دواب البحر، وعن مجاهد البر البلاد البعيدة عن البحر، والبحر السواحل المدن التي على البحر والانهار، وعن قتادة: البر الفيافى ومواضع القبائل والصحارى، ومواضع الصمود، والبحر المدن كما قال سعد بن عبادة فى عبد الله بن ابى بن سلول: لقد اجمع اهل هذه البحيرة، يعنى المدينة، ان يتوجوه، وجوز النحاس ان يقدر فى الاية مدن البحر، واجيز ان يراد بالفساد المعاصى والظلم، والمعصية تجر المعصية، وأل فى الكل للجنس.

{ بمَا كَسَبت أيْدي النَّاس } بما كسبته او بكسبها، كأخذ الجلندى كل سفينة غضبا، وذلك فى البحر، وقتل قايبل هابيل، وهو اول معصية فى الارض فيما قيل، وكانت الارض روضة لا ياتى ابن آدم شجرة الا وجد عليها ثمرا، وماء البحر عذبا، ولا يفترس الاسد البقر، والذئب الغنم، ولا يضر حيوان آخر، فلما قتل هابيل تغير ذلك كله، واذا فسر الفاسد بالمعاصى، فالمراد كما مر ازدادت، او تصوير حصولها بكسبها { ليُذيقهُم بعْضَ الَّذي عملُوا } بعض جزاء ما عملوا فى الدنيا، والبعض الاخر فى الاخرة، ويعاقبهم بجميعها ايضا فى الاخرة.

{ لعلهَّم يرجعِون } عن عمل السوء، وعن قتادة: كان الفساد قبل ان يبعث النبى صلى الله عليه وسلم، ولما بعثه الله رجع بعض عن المعاصى، وايضا كان اول البعثة اصر قريش على الشرك والمعاصى، وآذوه صلى الله عليه وسلم، فدعا عليهم فأقحطوا سبع سنين لعلهم يرجعون، وحكم الآية باق الى قيام الساعة، ومن اذنب ذنبا خاصمه الثقلان والحيوانات برا وبحرا يوم القيامة، بمنع المطر لشئومه، ومن اكل الحرام فقد خان جميع الناس.