الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ فأقِم وجْهَك للدَّين حنَيفاً } والفاءان عاطفتان، والايتان تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإياس له من إيمانهم " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات " فاشتغل بنفسك ومن تبعك، ومعنى: (أقم وجهك) اقبل على دين الاسلام، واثبت عليه، ورتب اسبابه، ولا تلتفت الى غيره، كمن اهتم بشئ، فلا يصرف وجهه ونظره عنه، واللام للتعدية، والملك او التعليل او بمعنى الى، وحنيفا حال من ضمير اقم، او من وجهك او الدين او للدين، متعلق بحنيفا اى مائلا اليه، معرضا عن غيره.

{ فِطْرة الله التَّى فَطَر النَّاسَ عَليْها } منصوب على الاغراء، اى الزموا فطرة الله او مفعول لاتبعوا محذوفا، ومنيبين حال من واو الزموا، او واو اتبعوا، او فطرة بدل من وجهك على معنى طريقتك، او بيان له ولا يصح ان يكون بدلاً من حنيفا، لان الحنيف وصف وقع حالا، وفطرة مصدر، والمعنى متغاير، وهو فعلة من الفطر بمعنى الخلق، وهو الابتداء والاختراع، وفسره كثير بقابلية الحق والتهيؤ لإدراكه، وفسروا لزومها او اتباعها بالجريان على مقتضاها، وفسرها عبدالله بن المبارك بما خلق الله من السعادة والشقاوة، فى حديث: " كل مولود يولد على الفطرة " والذي اقول به انها دين الاسلام التوحيد وتوابعه، فعن انس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " هى دين الإسلام " ومعنى فطرهم عليها خلق عقولهم قابلة لها، لائقة ولو يعلم الناس الصبيان الكفر لم يكفروا بعد البلوغ، بل يبلغون على الاسلام.

وعنه صلى الله عليه وسلم: " يقول الله عز وجل: إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم " روى البخارى ومسلم، عن ابى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مولود يولد إلاَّ على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " كما تنتج البهيمة بهيمة جماء، هل تحسون فيها، جدعاء اى مقطوعة الاذن او الانف، وذلك شامل للجن والانس، ولا يشكل بالغلام الذي قتله الخضر عيله السلام، وان فى كتفه مكتوبا هو كافر لاق معناه انه يكفر لو بلغ، وقيل: هى اسلام يوم الست بربكم، والمراد بالناس العموم، ولا سيما على القول الاخير، لا كما قيل المراد المؤمنون فى غير هذا الاخير.

{ لا تَبْديل الخَلْق الله } هو فطرة الله، عبر عنها بخلق الله وضعا للظاهر موضع المضمر، والمعنى ذلك بسنة الله عز وجل، لا يبدلها بخلقهم، او خلق بعضهم على الكفر، لانه خلاف الحكمة، والحكمة الاسلام، او المعنى لا قدرة لاحد على ان تكون فطرتهم على الشرك، وقيل: لا قدرة لمخلوق ان يجعل الناس غير مملوكين لله، بل احرار لا يعبدونه مستقلون عنه، كما زعم بعض الكاذبين ان العبد اذا بلغ الكمال فى العبادة سقطت عنه، وقد أخطا فى بلوغ الكمال الكلى، اذ لا يتصور، بل كلما ازداد كما لا ازداد عبودية لازدياد نعم الله.

السابقالتالي
2