الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلْبَيْتِ مَنِ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ } * { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ }

{ فِيهِ } أى فى حرمه، فحذف المضاف، أو فى الحرم المدلول عليه بالسياق، أو فى البيت معبرا به عما يجاوره من الحرم { ءَايَآتٌ بَيِّنَاتٌ } واضحات على احترامه، كانحراف الطير عن أن تعلوه فى طيرانها إلى الآن، إلا إن مرضت فتدخل هواءه فوقه لتشفى، وهذا لا ينضبط لكثرة ما تعلوه، وكعدم تعرض السباع للصيد فى الحرم كما يتبع سبع من الطير أو الوحش طائراً أو غيره فيدخل الحرم، فيرجع عنه، ولقلة حجارة الرمى مع كثرة الرماة، فإنها ترفع بالقبول، وكل ركن منه وقع الغيث فيما يقابله من الأرض وقع الخصب فيما يليه من البلاد، فإذا وقع فيها يقابل ركن اليمن وقع الخصب فى اليمن وهكذا، أو آيات الحرم كلها آيات له، لأنها من أجله، وأما تعرض الهر لحمام مكة فلأنه تكيف بكيفية النَّاس المجاورين له، فصار كالإنسان المتعدى فى الحرم، إلا أنه لا إثم عليه، وكقهر كل جبار قصده، كأصحاب الفيل، وكقوم من الإنجيلز قبل وقتى هذه بخمس سنين، لبسوا لباس أهل التوحيد وجاءوا عرفة، فنزلت صاعقة من السماء فأحرقتهم دون سائر أهل عرفة، وذلك لحرمة البيت والمناسك، ولو كانت عرفات خارجة عن الحرم، والجملة إما مستأنفة وإما حال أخرى، لا حال من ضمير للعالمين، لأنه عائد لهدى، فيكون المعنى، هدى ثابتا للعالمين فى حال أن فى البيت آيات بينات، ولا رابط من ضمير، أو واو حال، وإن رجعنا الهاء للهدى كان المعنى فى حات ثبوت آيات بينات فى الهدى، وهذا لا يصح، وإما حال من ضمير مباركا، ولا يجوز أن يكون نعتا لهدى لما مر من منع الحال فيه { مَّقَامُ إبْرَاهِيمَ } منها مقام إبراهيم، أو عطف بيان، ولو اختلفا تعريفا وتنكيرا عند بعض، لا بدل بعض لعدم الرابط، إلا أن يقدر محذوف، أى منها، وعلى البيان تكون الآيات نفس مقام، فالمقام هو الآيات، لأن فيه أثر قدم إبراهيم، وهو صخرة صماء وأنها غاصت فيه إلى الكعبين، وأنه لان من بين الصخور، وأنه باق ومحفوظ مع كثرة الأعداء آلاف السنين، فبين إبراهيم والهجرة ألفان وثمانمائة سنة وثلاث وتسعون سنة، وعلى زعم اليهود ألفان وأربعمائة واثنتان وأربعون سنة، وذلك أثر قدم واحدة، وقيل قدمين، وهو الحجر الذى يبنى البيت وهو عليه، ونادى عليه: أيها الناس، حجوا بيت ربكم، وتعمد عليه من ظهر راحلته فرجلت أم إسماعيل رأسه، ثم تعمد عليه من الجانب الأيسر، واندرس الأثر من كثرة المسح عليه بالأيدى { وَمَن دَخَلَهُ } الهاء للبيت بمعنى الحرم عَلَى ما مر، أو على الاستخدام { كَانَ ءَامِناً } أو لم يروا أنا جعلناه حرماً آمناً، قال إبراهيم: رب اجعل هذا البلد آمناً، يلتجىء إليه القاتل فلا يقتل حتى يخرج فى الجاهلية والإسلام، ولا يؤوى فى الإسلام حتى يخرج فيقتل عندنا وعند أبى حنيفة، وقال الشافعى وغيره: يقتل فيه، وكذا الخلف إذا لزمه الرجم للزنا، أو القتل للردة، وإن فعل فيه موجب قتل فإنه يقتل فيه إجماعا.

السابقالتالي
2 3