الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } * { كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }

{ لَن تَنَالُوا البِرَّ } الإحسان الكامل الذى هو عبادة منكم { حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } أو لن تنالوا بر الله، أى إحسانه إليكم الكامل حتى الخ، أو لن تنالوا ثواب البر، أى ثواب الطاعة حتى الخ، وبه قال ابن عباس وابن مسعود ومجاهد، ولن تكونوا أبراراً حتى.. الخ، والمراد الإنفاق الواجب وغير الواجب، والإنفاق من المال إطعاماً وإشراباً وإسكاناً، وإعارة، وإعتاقاً، ووقفاً من الجاه، ينفع به الأقارب والضعفاء، وغيرهم، ومن البدن فى العبادات، وخدمة العلماء، والأولياء، والناس فى كل ما يرجع إلى البدن، ومن تفويت البدن كالقتال في سبيل الله حتى يقتل، وذلك من عموم المجاز، وهو استعمال الكلمة في المعنى الموجود فى الحقيقة والمجاز كالصرف هنا، لما نزلت، " قال أبو طلحة: يا رسول الله أحب أموالى إلىَّ بَيْرجاء فضعها حيث أراك الله، فقال صلى الله عليه وسلم: بخ بخ، ذلك مال رابح أو رائح، وإنى أرى أن تجعلها فى الأقربين " ، أى أقرباء طلحة، فقسمها أبو طلحة فى أقربائه وبنى عمه، وفى رواية لمسلم وأبى داود: فجعلها لحسان بن ثابت وأُبى ابن كعب، وذكر الربيع بن حبيب والبخارى ومسلم والترمذى والنسائى وغيرهم الحديث، ويرجى بفتح الباء وكسرها وفتح الراء وضمها وكسرها، والمد والقصر بستان فى المدينة، أو موضع فيها منه البستان، أو موضع قرب المسجد، أو أرض وهو فيعلى، أو فيعلاء من البراح، وهى المنكشفة، أو بير مضاف لقبيلة اسمها حاء ويخ بإسكان الخاء وكسرها، منون أو غير منون، وبالضم مخففاً ومشدداً مدح ورضاء بالشىء وتعجب، من أسماء الأصوات، ورايح بالموحدة ذو ريح، والمراد الثواب المضاعف، وبالهمزة والمراد رائح بصاحبه إلى الجنة كما فى رواية، وجاء زيد بن حارثة بفرس يحبها، فقال، هذه فى سبيل الله فحمل عليها صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، فقال زيد، يا رسول الله، إنما أردت أن أتصدق بها، فقال صلى الله عليه وسلم إن الله قد قبلها منك، رواه ابن المنذر، وابن جرير مرسلا، ويستفاد من الحديثين والآية، أن إنفاق أحب الأموال على الأقارب أو أقرب الأقارب أفضل، وكان ابن عمر ينفق السكر، فقيل، لو اشتريت طعاماً وأنفقته، فقال، نعم، لكن قال الله: حتى تنفقوا مما تحبون، وأنا أحب السكر وحضرته الآية فلم يجد إلا جارية رومية، تسمى لؤلؤة، وكانت أحب ماله إليه فأعتقها، وعن الحسن، كل ما أنفق المسلم من ماله لوجه الله تعالى فداخل فى الآية، والمراد من مطلق ما تحبون، والمال كله محبوب، والمشهور ما تقدم بمعنى ما تحبون أكثر من غيره وقيل، المراد الزكاة مما لا يسترذل، ومن أنفق من غير ما يحب نال ثوابا غير كامل، ومن لم ينفق غير الواجب فاته ثواب الإنفاق، أو ناله من عمل آخر، والفقير الذى لم يجد ما ينفق ينال الثواب من غير أعماله، وقد يكون أفضل من الإنفاق، وقد يكون الثواب الكامل بنية من لم يجد، ومن اللعب جعل ما مصدرية والمصدر بمعنى مفعول، أى من حبكم، أى محبوبكم فإنه يغنى عن ذلك جعلها اسماً واقعاً على المحبوب، أى الذى تحبونه، أو شىء تحبونه { وَمَا تُنفِقُوا مِن شَىْءٍ } زيادة فى العموم، أى مطلق ما يسمى شيئاً، ولا دلالة لشىء على خبث أوطيب إلا من حيث العموم فليجعل مع مِن نعتاً لما، لا تمييزاً { فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ } يجازى عليه، ولو رذلا، مما هو رذل، واجبا، أو رذلا من طيب نفلا، قليلا أو كثيراً، ولا يدل قوله عليم على الحث على إخفاء الصدقة، بل على الحث على مطلق الصدقة ظاهرة أو خفية قالت اليهود له صلى الله عليه وسلم: تزعم أنك على دين إبراهيم وتأكل لحم الإبل وألبانها، وهو لا يأكلها وأنها محرمة على آدم ومن بعده إلى وقتنا هذا أو بعده فنزل قوله تعالى:

السابقالتالي
2 3