الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }

{ إذْ قَالَ اللهُ } مكر الله إذ قال الله، أو خير الماكرين إذ قال الله أو اذكر إذ قال الله، أوقع ذلك إذ قال الله، والأول أولى،لأن ظهور مكره فى ذلك الوقت، والوقت متسع، { يَاعِيسَى إنِّى مُتَوَفِيَّكَ } مستوفى أجلك لا أنقص منه شيئاً، فلا تموت إلا عند قرب الساعة أو متوفيك بعد سبع ساعات أو ثلاث، وبه قالت النصارى، أو بنوم كما روى أنه رفع نائما، فسمى النوم موتا، وليس رفعه نائما لئلا يخاف، لأن الخوف بذلك غير شأن الأنبياء، لا بقتلهم، إذ لا يصلون إليك، أو قابضك من الأرض، أو مميتك عن الشهوات حتى تكون كالملائكة، لا تأكل ولا تشرب، وتقتصر على العبادة، واختار القرطبى وغيره، أنه أخذه بلا نوم ولا موت، { وَرَافِعُكَ إِلىَّ } أى إلى محل كرامتى ومقر ملائكتى من الدنيا والقبض لا يلزم أن يكون إلى فوق، فبينه إلى فوق، وروى أنه نزل ومات ثم رفع { وَمُطَهِّركَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } مبعدك من كفرهم لا ينالك، ومن مضرتهم ومن سوء حوارهم، وكل ذلك منهم كالنجس والشيء الخبيث لما اجتمعوا على قتله، بعث الله إليه جبريل، فأدخله خوخة فى سقفها فرجة، فرفعه الله من تلك الفرجة، وأمر ملك اليهود رجلا فى أربعة آلاف، آخذين باب الغرفة منهم، يقال له، مطيانوس، أن يدخل الخوخة فيقتله فيها، فلما دخلها لم ير عيسى، وألقى الله شبه عيسى عليه، فلما خرج ظنوا أنه عيسى فقتلوه، وقالو له، أنت عيسى، فقال: أنا صاحبكم الذى دلكم عليه، وقد لهم عليه بثلاثين درهما، فلم يلتفتوا إلى قوله، ولما قتلوه قالوا وجهه يشبه وجه عيسى، وبدنه يشبه بدن صاحبنا، فإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا، وإن كان صاحبنا فأين عيسى، فوقع بينهم قتال: { وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ } وهم اليهود الكافرون به، خطاب لعيسى بأنه من آمن به يكون غالبا وقاهراً لمن كفر به بالحجة والسيف، فالنصارى مطلقاً، والمؤمنون من هذه الأمة ظاهرون على اليهود لأن النصارة، ولو كفروا بالنبى صلى الله عليه وسلم، وكانوا من أهل النار، هم متبعون لعيسى من حيث إنهم آمنوا بعيسى وأحبوه، ولو كفر من كفر أيضاً يجعله إلها أو ابن الله، تعالى الله عن قول المبطلين، وإذا كان يوم القيامة زاد ارتفاعا بدخول الجنة المؤمنون من هذه الأمة، والمؤمنون بعيسى القائلون إنه عبد الله ورسوله إن لم يكفروا بالنبى صلى الله عليه وسلم، ولا ملك لليهود ولا دولة، والنصارى أشد مخالفة لعيسى، ولم يرض ما هم عليه من الكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبغيره { ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُم } رجوعكم بالبعث، ولا يشكل بقوله فى الدنيا، لأنه ليس المراد إيقاع كل واحد من التعذيب فى الدنيا والتعذيب فى الآخرة، وأحداثهما يوم القيامة بل أن مجموعهما يتم يوم القيامة، أو نقول، الرجوع أعم من الدنيوى والأخروى، أو المراد بالدنيا والآخرة التأبيد لا حقيقة كل واحدة، كأحد أوجه فى قوله تعالى:

السابقالتالي
2