الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

{ وَمَكَرُوا } حاول من أحس عيسى منهم الكفر إهلاكه باحتيال وخفاء، بأن وكلوا من يقتله كذلك، أو مكروا بقتله كذلك، وكلهم قصدوا قتله بإيديهم، لأنهم أمروا من يقتله بيده { وَمَكَرَ اللهُ } عاقبهم على مكرهم، سمى عذابه مكرا للمشاكلة، أو لأن عقابه مسبب مكرهم، أو لازمة، أو شبه فعله بهم بفعل الماكرين، وأورده بطريق الاستعارة، والله عز وجل منزه عن حقيقة المكر، لأنه فعل العاجز، ووجه الشبه الخفاء إذ آل أمرهم إلى قتال بينهم بسبب قتل قاصد قتله، وإلى قتل قاصد فقد يستعمل المكر فى حق الله تعالى بلا مشاكلة، كقوله تعالى:أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون } [الأعراف: 99] على الاستعارة المفردة أو التمثيلية، أو المشاكلة التقديرية، بأن لوَّح إلى مكرهم وصرح بمكره، كقوله تعالى: صيغة الله، واختار بعض أنه جائز جاز فى حق الله بلا مشاكلة، والأصل عدم التقدير، وقال الفخرك جاء حقيقة، على أنه إيصال الشر إلى الغير بخفاء، أو أنه التدبير المحكم ووجه التجوز أنه يفسر بإيصال الشر، ولو إلى الغير باحتيال، والحيلة أعم، لأنها لا تختص بالشر، ولا يوصف الله تعالى بها لأنها عن عجز { واللهُ خَيْرُ } أعظم وأشد إضارار، أو أقوى أو أعلم { المَاكِرِينَ } وهذا تهديد وهو أنسب بالمقام، بخلاف ما لو قلنا، المعنى مكر الله أحسن، لأنه وقع فى محله لا ظلم وأيضاً لاحسن فى مكرهم إلا بتكليف اعتبار حسن اللياقة فى المكر من غير عتبار حل وحرمة.