الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }

{ وَمُصَدِّقاً } أى جئتكم مصاحباً بآية من ربكم مصدقا، أو ويقول، أرسلت مصدقا، وأو ناطقا بأنى قد جئتكم ومصدقا، أو جئتكم مصدقا، أو يقدر جئتكم محتجا بالآية ومصدقا، وهو حال فى جميع التقادير، ولو عطف على وجيها لقال: ومصدقا لما بين يديه، أو على رسولا لقال: ومصدقا لما بين يديك، خطابا لمريم، أو لما بين يديه، مراعاة للاسم الظاهر { لِمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التَّوَرَاةِ } وبينه وبين موسى فى قول ألف سنة وتسعمائة وخمس وسبعون { وَلأُِحِلَّ } وجئتكم لأحل، أو جئتكم بآية من ربكم ولأحل، كقوله: جئت على فرس وبعير، إذ لا يجب أتفاق معنى الحروف المعطوف ما هى فيه، أو على المعنى، أى يدى ولأحل { لَكُم بَعْضَ الَّذِى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ } فى التوراة كالشحوم، أو شحوم الإبل ونحوها. وما لا صيصة له من الطيور والسمك، أو الاصطياد يوم السبت، ولحم الإبل، وبعض العمل فى البيت، والعمل يوم السبت، وكل حيوان لا ظفر له، كالإبل والنعام والأوز والبط، فأحل لهم جميع ذلك، وهو بعض ما حرم، وبقى على التحريم السرقة والزنا والربا، وقيل: حرم من الطير والسمك مالا شوكة له يؤذ بها، وكان عليه السلام يسبت ويصلى للقدس، ويوجب الختان، وغيرته النصارى، لعنهم الله، إلى قطع القلب من الدنيا، ويجرم الخنزير وينهى عنه، وأغرق قطيعا من الخنازير فى البحر، وزعموا أن بطرس رأى فى النوم صحيفة فيها صور الحيوان، فقيل له: كل منها ما أحبت، وهى رؤيا من الشيطان، أو الرؤيا مكذوبة غير واقعة { وَجِئْتُكُمُ بِآيَةٍ مِن رَّبِّكُمْ } هى آية أخرى، فسرها بقوله: { إن الله ربى وربكم فاعبدوه } الخ، وليس تأكيداً لما مر، لأن التوكيد باللفظ الأول لا يكون بالعطف، لا تقول: قام زيد وزيد بالواو، بل بدونها، وقوله { فَاتَّقُوا الله } فى المخالفة { وَأَطِيعُونِ } فيما آمركم به من التوحيد وما دونه، وأنهاكم عن الشرك، وما دونه معترض، اللهم إن ساغ العطف مع أنه تأكيد، جعله مع ما بنى عليه من قوله فاتقوا الله وأطيعون كشىء واحد، ووجه كون قوله:

{ إنَّ اللهَ رَبى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا } أى الذى آتيتكم به { صِرَاطُ مُسْتَقِيمٌ } آية أنه طبق ما قالت الرسل قبله، وقد هداه الله للنظر فى العقلية حتى انتج إن الله ربى وربكم الخ.. والساحر لا يقول بذلك، وليست بمعنى معجزة، وأما إذا قلنا جئتكم بآية بعد أخرى فمن العطف، روى الترمذى ومسلم وغيرهما هم سفيان الثقفى، " أن رجلا قال: يا رسول الله، مربى بأمر فى الإسلام لا أسأل عنه أحداً بعدك، قال: قل آمنت بالله ثم استقم ".