الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ }

{ الَّذِينَ يَذَكُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ } هما جمعا قائم وقاعد، أى قائمين وقاعدين، وكائنين أو ممتدين ومضطجعين على جنوبهم اليمنى، وهى أولى، أو اليسرى، ومثلها الظهور يستلقون عليها، ويجوز دخولها فى الجنوب، وعلى أن المراد بالجنوب الأطراف أو الجهات، وكأنه قال ساقطين على الأرض، والمذهب أن يمتد على يمينه، وعليه الشافعى، ودونه على يساره مستقبلا، قال أبو حنيفة: على قفاه بحيث لو قعد لاستقبل. وعلى أن المراد إكثار الذكر على أى حال، فكذر القيام والقعود الجنوب تمثيل لا تخصيص، فدخل أيضاً السجود والركوع، فإنه المتعارف، وهو بين أنهما غير داخلين فى القيام والقعود، وقيل المراد بالذكر ذكر الله بالقلب أو مع اللسان، وصفاته وأفعاله، والظاهر تلاوة القرآن والأذكار، والمراد ما يشمل الصلاة وغيرها، فتجوز صلاة النفل فى قعود أو اضطجاع للقادر على القيام، وأما الفرض فلا إلا لغير القادر، وفى الفرض جاء قوله صلى الله عليه وسلم لعمران ابن حصين: " صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنبك تومىء، إيماء " ، وفى النفل والقدرة جاء قوله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل قاعداً نصف صلاته قائماً، وصلاته مضطجعاً نصف صلاته قاعداً، ومن لم يقدر لم ينقص أجره إذا صلى على الترتيب، فرضا أو نفلا، ولابد من الاستقبال بوجهه وجسده، وإن استلقى فبحيث يكون لو قعد لكان مستقبلا " ، وفى حديث ابن عمر، " فإن لم تستطع فعلى قفاك " ، وعن ابن عباس يصلون بحسب الطاعة والذكر باللسان والقلب معاً، أو بالقلب وحده، وأجمعوا أنه لا ثواب لذاكرغافل، قلت ذلك على حسب طاقته مثل أن يستحضر قلبه فى الذكر، ويفوته بعض آية أو غيرها ضرورة فله ثواب ذلك، ولو غفل عنه لنيته وعدم قدرته، وأرجو أكثر من ذلك أن يثاب على كل ما غفل عنه إذا نوى أن لا يغفل وجاهد نفسه فى الاستحضار، وأما أن يهمل فلا، وعد ابن جريح قراءة القرآن ذكراً، فتجوز فى الاضطجاع وكرهها الشافعى إذا غطى رأسه للنوم، وإنما خص الثلاثة فى الآية لأنها الغالب، وذكر عبادة البدن بقوله يذكرون الله قياماً وقعوداً وعَلَى جنوبهم، وعبادة القلب بقوله { وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } مصدر أى فى نفس الإيجاد أو بمعنى مفعول والإضافة على الأول للمفعول أى فى إنشائهما لما فيهما م العجائب وعلى الثانى بيانية، أى فى المخلوق، الذى هو السموات والأرض أو بمعنى فى أى وإنما يتفكرون فيما خلق فى السموات والأرض من أجزائهما وما حل فيهما، وإنما يتفكرون استلالا عَلَى وجود الله وقدرته وحكمته، قال صلى الله عليه وسلم: " تفكروا فى الخلق ولا تتفكروا فى الخالق "

السابقالتالي
2