الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } * { لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ }

{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ ءَاتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ } بحقوق ما آتاهم الله من المال إياه، كزكاة، وضيافة وجبت، ونفقة عيال، ولو حيوانا، ونفقة أولياء لزمت، ونفقت جهاد تعينت، لفقد مال بيت المال وفراغه ونفقة المضطر، وقد صرح العلماء بأنه يجب على المؤمنين جمع ما يحتاج إليه بيت المال من أموالهم والذين فاعل يحسب المفعول الأول محذوف ألا لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله بخلهم { هُوَ } أى البخل المفهوم من يبخل ضمير فصل لا محل له من الإعراب، وهو بين معرفة تحقيقاً، وهى بخلهم المقدر، ومعرفة حكماء وهو اسم التفضيل الذى هو مفعول ثان فى قوله { خَيْراً لَّهُمْ } إذ كان لا يقبل التأنيث والتثنية والجمع حال تجريده من أل والإضافة إلى معرفة، ولهم نعت خيراً أو متعلق به، وإن لم تجعل خيراً اسم تفضيل بل بمعنى نفع لم يكن هو ضمير فصل، بل يكون توكيداً للهاء فى فضله ويجوز هذا، ولو جعلنا خيراً اسم تفضيل، وقد تحصل أن المفعول الأول محذوف، أى بخلهم لجوازه حذفه بلا شرط إذا علم، وخيراً مفعول ثان { بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ } اسم تفضيل أى بمعنى ضر، ومن سوئه تطويقه المذكورة بقوله { سَيُطَوَّقُونَ } وهو كالتعليل لما قبله { مَا } مفعول ثان، والأول نائب الفاعل، وهوالواو { بَخِلُوا بِهِ } من المال { يَوْمَ القِيَامَةِ } يصيرهم الله يوم القيامة متطوقين فى أعناقهم ما بخلوا به فيطوقهم دائرة فى أعناقهم، يلزمهم وبال ما بخلو به، كلزوم الطوق فى العنق، وهو طوق الحمامة ونحوها، مما فى عنقه فقط مستدير، ويكون أيضاً على الحقيقة كما بين بعض الطوق فى قوله صلى الله عليه وسلم: " من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثلّ له شجاعاً أقرع، له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه، اى شدقيه، ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا: ولا يحسبن الذين " الآية، رواه البخارى عن أبى هريرة، وعنه صلى الله عليه وسلم: " ما من ذى رحم يأتيه ذو رحمه فيسأله من فضل ما أعطاه الله إياه فيبخل عليه إلا خرج له يوم القيامة من جهنم شجاع يتلمظ حتى يطوقه " ، ثم قرأ الآية، وأخرج عبد الرزاق عن النخعى أنه يجعل ما بخلوا بخ طوقاً من النار فى أعناقهم، والمشهور أن الآية فى الزكاة، وقيل ليس المراد حقيقة التطويق بل إلزام الوبال، وقيل المراد تكليفهم أن يأتوا يوم القيامة بالمال الذى بخلوا به، وأخرج الطبرى وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنها فى أهل الكتاب، كتموا رسالته صلى الله عليه وسلم التى فى التوراة، وفضل الله التوراة، وتطويقهم إلزام وبال ذلك لهم، أو تطويقهم بطوق من نار جزاء على ذلك، قال صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2