الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَآئِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

{ شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ } بيّن لخلقه بالدلائل من مخلوقاته والآيات المنزلة، أنه لا يستحق العبادة سواه، أو شهد لخلقه بذلك، قال صلى الله عليه وسلم: " يجاء بصاحب هذه الآية شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم، إن الدين عند الله الإسلام، فيقول الله: إن لعبدى هذا عندى عهداً وأنا أحق من وفى بالعهد، أدخلوا عبدى الجنة " ، والناس يتوهمون أن آخر الآية العزيز الحكيم، وليس كذلك بل آخرها الإسلام، كما نص عليه هذا الحديث، فالإسلام آخرها نظير الألباب والوهاب والميعاد والنار والعقاب والمهاد والأبصار والمآب والأسحار والحساب والعباد، ولما نزلت خرت الأصنام حول الكعبة ثلاثمائة وستون سجداً لله، قال حبران جاءا من الشام: ما أشبه هذه المدينة بمدينة آخر الأنبياء، ولما دخلا عليه صلى الله عليه وسلم عرفاه، فقالا: أنت محمد؟ فقال: نعم، قالا: أنت أحمد؟ قال: نعم، قالا: إن أخبرتنا عن أعظم شهادة فى كتاب الله آمنا بك، فنزلت الآية، فأسلما. وعنه صلى الله عليه وسلم: من قرأها عند نومه فقال، أشهد بما شهد الله، وأستودع الله هذه الشهادة يقول الله يوم القيامة: إن لعبدى..إلى آخر ما مر، وقيل: نزلت فى نصارى نجران، إذ حاجوا فى عيسى عليه السلام، وقيل فى اليهود والنصارى إذ تركوا اسم الإسلام، وتسموا باليهود والنصارى، وقالت اليهود: ديننا أفضل من دينك { وَالمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ } من العرب وأهل الكتاب كعبد الله ابن سلام، ومن غيرهم، لا خصوص الأنبياء أو المهاجرين والأنصار، أو علماء مؤمنى أهل الكتاب كما قيل، وشهادة الله التبيين بنصب الأدلة، أو إنزال الكلام فى ذلك، وشهادة الملائكة وأهل العلم التبيين بالكلام أو بالاحتجاج، فشهادة الله وغيره بيان، فلا جمع بين الحقيقة والمجاز، ننفيه أو نؤوله بعموم المجاز، أو بتقدير فعل، أي وشهد الملائكة وأولو العلم، كما إذا اقتصرنا على ظاهر أن شهادة الله بيان، وشهادة الملائكة والعلماء إقرار، أو شهادة العلماء احتجاج، وقدم الملائكة، لأن فيهم الوسائط لإفادة العلم لذويه، أو لأن علمهم كله ضرورى، أما غيرهم فعلمه منه الضرورى والكسبى { قَآئِماً } حال من لفظ الجلالة أو لفظ هو، والأول كقولك: جاء زيد راكباً وعمر وبكر { بِالْقِسْطِ } الباء للتعدية، أى مقيما القسط، أى العدل فى قسمة الأرزاق والآجال،نحن قسمنا بينهم معيشتهم } [الزخرف: 32]، وفى تعيين الشرائع والمحرم والواجب والمندوب إليه، والمكروه والمباح، وآخر للدلالة على قرب منزلة الملائكة وأولى العلم { لآَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } تأكيد، أو الأول شهادة، وهذا حكم بها، أو الأول وصف، والثانى تعليم، أى اشهدوا كما شهدت، كذا قيل، وفيه، أنه يغنى عنه قوله: والملائكة وأولو العلم { العَزِيزُ } راجع لقوله لا إله إلا هو، لأن العزة تلائم الوحدانية { الْحَكِيمُ } راجع لقوله، قائماً بالقسط، لأن الحكمة تلائم القيام بالقسط، قالت اليهود: لا دين كاليهودية، والنصارى: لا دين كالنصرانية، فنزل:

السابقالتالي
2