الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّابِرِينَ }

{ وَكأَيِّن } تكثير ككم الخبرية، وأصلها كاف التشبيه، وأى الاستفهامية، كتب تنوينها فى الخط، وقيل، كاف التشبيه، وأوى بوزن ضرب مصدر، أوى بمعنى انضم، قلبت الواو ياء، وأغمت، والنون فى الخط تنوين حدث لها معنى التكثير بالتركيب، ككذا، حدث لها معنى ذلك لما ركبت من كاف التشبيه وذا الإشارية { مِّن نَبِىٍّ } مرسل، من للبيان، أى كل فرد من ذلك الكثير نبى { قَاتَلَ } فى الجهاد فى سبيل الله، أو قتل فى الله بلا قتال، وعن الحسن البصرى وسعيد بن جبير كما أخرجه عن ابن المنذر، ما سمعنا بنبى قتل فى الحرب، وهو نفى لقتله فيها، وللعلم به مع إمكانه { مَعَهُ } فى الجهاد أو في دين الله { رِبِّيُّونَ } أحياء بعده، لم يقتلوا معه، أى علماء أتقياء، أو معه عباد منسوبون إلى الرب سبحانه، لعلمهم وتقواهم، بكسر الراء، من شذوذ النسب، وكذا قراءة الضم، وقرىء بالفتح على القياس، وقيل الكسر، نسبة إلى الربة بالكسر، وهى الجماعة، وقيل ذلك كله العلماء، وقيل الأتباع والربانيون الولاة { كَثِيرٌ } ومعه ربيون جملة نعت لنبى، وقى قاتل ضمير نبى، أو حال من ضمير قتل ومن قال، لا تقتل الأنبياء فى الحرب، خص الآية بغير موتهم فى الحرب، بأن قاتل قومهم دونهم، أو جعل ربيون نائب فاعل قتل، عاب على المنهزمين بأحد وهنهم وضعفهم وخضوعهم بكثرة من لم يضعف ولم يهن ولم يخضع فى الأمم السابقة بعد قتل أنبيائهم، كما قال { فَمَا وَهَنُوا } مافتروا عن الحدة التى فيهم بموت نبيهم، وما استولى عليهم الخوف، وإن قلنا المقتول الربيون وحدهم أو مع نبيهم، أى معه فى القتل، فضمير وهنوا للأحياء بعدهم، دل عليه المقام، ونفى الوهن أو ما وهنوا حال رؤي بعض بعضا، يقتل أو أسند القتل لمن حضر معهم { لِمَآ أَصَابَهُمْ فِى سَبِيلِ اللهِ } من الجراح وقتل أنبيائهم وأصحابهم { وَمَا ضَعُفُوا } فى دينهم بالشكوك والشبهات حتى أرادوا الرجوع عن دينهم لدين الكفر، ولا عن الجهاد بطلب الصلح وإعطاء الدنية لم يفعلوا ذلك مع مشاهدتهم قتل أنبيائهم، فكيف فعلتم أنتم إذ سمعتم بقتل نبيكم مجر سماع لا تحقق معه، بل هو حى، وأردتم طلب الأمان من أبى سفيان بواسطة ابن أبى { وَمَا اسْتَكَانُوا } استفعل من الكون، فالأصول الكاف والواو والياء المبدلة ألفا والنون، والكون والكين الذل أو السوء، أو الكون بمعنى الحصول، أى ما طلبوا من أنفسهم أو من غيرهم أن تكون لعدوهم، أو افتعل من السكن نحو الدار، فالأصول السين والكاف والنون، وأما الألف فللإشباع على غير قياس، وهو وجه ضعيف، لأنه فى غير الأخير، يختص بالشعر وبالشاذ، وقد وجدنا منه مخلصا { وَاللهُ يُحِبُّ } يثبت أو يمدح أو ينصر أو يعظم { الصَّابِرِينَ } على البلاء على العموم، أو الربيين، عبر عنهم بالصبر مدحا.