الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ }

{ اتْلُ ما أوحِيَ إليْكَ من الكتاب } دم على تلاوته تقربا الى الله تعالى وتذكيراً بها لغيرك، وتفكراً فى معانيها { وأقِم الصَّلاة } دم على إقامتها { إنَّ الصلاة } فرضها ونفلها، اداءها وقضاءها، ومن قضائها تأخير سنة المغرب عن العشاء فى حال الجمع بين المغرب والعشاء، وسنة الفجر عن فرضه اذا قدم عنها خوف طلوع الشمس، وادركها فى الوقت، كما اذا فات وقت الصلاة مسنونة، فان النفل يجوز قضاؤه، وقيل: يفوت وقته، وقيل: ان كان تابعا لفرض صح قضاؤه كسنة الفجر، وسنة المغرب، وسنة العشاء، والا لم يصح، وجاء فى ذلك احاديث، وذلك تعليل جمالى لاقامتها.

{ تَنْهى عن الفحشاء والمُنْكر } لاشتمالها على قراءة القرآن، والتكبير والتعظيم والتسبيح، والركوع والسجود، فهى مشتملة على ما هو زجر ووعظ، وتعظيم لله سبحانه، وملوحة بأن من شانه هكذا لا يعصى فقد تؤثر فى المصلى، وقد لا يتأثر بها يصلى، وهو فاسق، وقيل هى ناهية لمن فيها حتى يخرج منها حضر قلبه او لم يحضر، تاثر بها او لم تؤثر فيه، فهى كالمتكلم اذا فرغ منها، كمن سكت، ومن اخل بها لفت كما يلف الثوب الخلق، ويرمى بها وجهه، وتقول: ضيعك الله كما ضيعتنى، فالانتهاء عن الفحشاء والمنكر علامة صحة الصلاة وقبولها، فمن احب ان يعلم هل قبلت فلينظر هل انتهى عن الفحشاء والمنكر، فالقبول على قدر ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له " رواه الطبرى والبهيقى، ولفظ الطبرانى عن ابن عباس وابن مسعود موقوفا ومرفوعا: " لم تردد بها عن الله الابعدا " وعن الحسن وقتادة: " فصلاته عليه وبال " ومن داوم على صلاته جرته الى ترك المعاصى، كما قيل لابن مسعود: فلان يطيل الصلاة، فقال: ان الصلاة لا تنفع الا من أطالها فى نهيها.

كان فتى من الانصار يطيل الصلاة، ولا يدع فاحشة، فقال صلى الله عليه وسلم: " ستنهاه صلاته " فتاب عن قريب، ومثله قال فى رجل يصلى الليل، واذا اصبح سرق، وعن ابن عمر: الصلاة هنا القرآن، وقيل: الدعاء والصحيح ما مر، وعن انس انه كان يقرأ: ان الصلاة تأمر بالمعروف، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وذلك قراءة تفسير.

{ ولذِكْر الله } اياكم برحمته، ومنها التوفيق للصلاة { أكْبر } من ذكر الله بطاعته، كذا عنه صلى الله عليه عن طريق ابن عباس، ومنها الصلاة عند ابن عباس وابن مسعود وابن عمر، وهو رواية عن سلمان وابى الدرداء، او ذكر الله العبد فى الصلاة اكبر من الصلاة، قاله ابو مالك الصحابى، او اكبر من كل شئ، او ذكره العبد فيها اكبر من ذكره العبد خارجها، او ذكر العبد الله اكبر من سائر اعماله، قال معاذا مرفوعا: " ذكر العبد لله انجى له من العذاب من الجهاد، ومن ان يضرب بسيفه فى سبيل الله حتى ينقطع " وروى: " حتى يموت، ومن سائر اعماله " زاد ابو داود: " ومن اعطاء الدنانير والدراهم " وزاد " انه احب الى الله وارجع لدرجاتكم وقرأ الآية " وكذا فسرها سلمان وابن عباس فى رواية عنهما، وعن ابن عباس: افضل الاعمال ذكر الله تعالى ومن ذكروا الله فى المسجد اظلتهم الملائكة باجنحتها، وكانوا ضيف الله ما لم يفيضوا فى غيره، ومن سلك طريقا الى العلم سهل الله له طريقا الى الجنة، او ذكر الله الصلاة وهى اكبر من سائر الطاعات، سماها ذكرا لاشتمالها على الذكر الزاجر، او ذكر الله عند عروض المعصية بالخشية منه، فتترك اكبر من الصلاة فى الزجر او ذكر الله اكبر من ان تبقى معه معصية، او التخلف عن الناس بذكر الله تعالى لا يخلطون به غيره.

السابقالتالي
2