الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ }

{ وقالَ } إبراهيم { إنما اتخذتم مِن دُون الله أوثاناً مودَّة بينكُم في الحياة الدُّنيا } المحصور فيه مودة، اى ما اتخذتم من دون الله اوثاناً الا مودة، والمفعول الثاني محذوف، أى ما اتخذتم من دون الله اوثانا آلهة ومن دون الله حال من اوثانا، ويجوز كونه نعتاً للمفعول الثانى مقدماً على الاول، أى آلهة ثابتة من دون الله، ومودة مفعول من أجله، وبينكم متعلق به، او بمحذوف نعت لمودة، والمعنى جمع بينكم الاجتماع على الاوثان بالعبادة لها، والانفاق للمال عليها، او رأيتم بعض من تحبونه اتخذها، فاتخذتموها تبعا له لحبكم له، ويقال: أصل الصنم ان اناسا صالحين ماتوا، فصورهم حباً لهم، وعظموا صورهم، وما زالوا يزدادون تعظيمها حتى عبدوها، وألغى قولهم:ليقربونا إلى الله زُلفى } [الزمر: 3] لانه لا ينصت اليه من له ادنى عقل.

{ ويَوْم القيامة يكْفُر بعْضُكم ببعْضٍ ويلْعَن بعضُكم بعْضاً } الخطاب للكفار وحدهم، يبرأ بعض من بعض يوم القيامة، ويتناكرون ويتباغضون بعد تحابهم في الدنيا، ويلعن بعض بعضاً يوم القيامة، كما ان الخطاب في بينكم واتخذتم لهم، وقيل: الخطاب لهم وللاوثان تغليباً للمخاطب المذكر، عن من لا يخاطب، وليس بعاقل، وهو الاوثان، وعلى هذا يخلق الله تعالى الحياة، والعقل والنطق للاوثان، فتكفر بعبادها وتلعنهم، ويكفرون بها، ويلعنونها، والاول اولى للخطاب السابق ولقوله: { ومأواكم } مرجعكم { النار وما لكم من ناصرين } فانه اظهر فيهم لا في الاوثان، ولو كان تقرن الاوثان بهم في النار، لكن الخطاب بمأواكم انسب لهم، على ان قوله: { وما لكم من ناصرين } لا يناسب الاوثان، ولو رد اليهم وحدهم وما قبله على الشركة كان تفكيك الضمائر.