الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ قُل رَّبِّيۤ أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِٱلْهُدَىٰ وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

{ إنَّ الذى فرَضَ عليْك القُرآن } أوجب عليك العمل به وقراءته وإبلاغه { لرادكَ الى معادٍ } مرجع عظيم، موضع ترجع اليه قد كنت فيه قبل وهو مكة، أوحى الله عز وجل اليه وهو فيها أن ستهاجر منها، وترجع بالفتح إليها، وبلد الرجل معاده يخرج ويرجع اليه، وأيضا روى أنه لما بلغ الحجة فى هجرته اشتاق اليها، فنزلت الآية أن سار ذلك إليها، وأيضا قيل: معاد اسم لمكة، لأن العرب تعود إليها للبيت كل عام، أو ذلك من معنى الاعتياد، أى موضع ألفته واعتدته وهو مكة، والأول أولى، يرده إليها منصورا غالبا كما كانت العاقبة للمتقين، وكما نصر موسى على قارون، وقد فسره البخارى فى التاريخ، عن أبى سعيد بالجنة، والطبرى والطبرانى عن ابن عباس بها، والديلمى عن على، عنه صلى الله عليه وسلم بها، وقيل: إنه دخلها ليلة الإسراء، وقيل عن ابن عباس: المراد يوم القيامة، وقيل: المحشر، وقيل: هو المقام المحمود للشفاعة، وعن ابن عباس وأبى سعيد: أنه الموت، وقيل بيت المقدس دخله ليلة الإسراء، ووعده بإسراء آخر إليه، أو بالرجوع إليه بالحشر، لأنه أرض المحشر.

{ قَال ربِّى أعْلم من جاء بالهُدَى } وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن مفعول به لمحذوف، أى يعلم من جاء بالهدى لا مفعول إلا علم، لأنه اسم تفضيل، وهو لا ينصب المفعول به، وفى الآية الأخرى: { بمن جاء } بالباء، فهو ينصب المفعول بحرف الجر كالباء، وهذه الباء متعلقة باعلم، وهى كباء الإلصاق تعالى الله، واسم التفضيل يمنع من نصب المفعول به الصريح لا من التعدية بالحرف، فلا حاجة الى تقدير يعلم من جاء بالهدى، وقيل: الياء صلة ومن مفعول به لا علم خارجا عن التفضيل بمعنى عالم، ويرده أن اسم التفضيل لا ينصب المفعول ولو خرج عن التفضيل { ومَنْ هُو فى ضلال مبين } هم المشركون، قالوا له صلى الله عليه وسلم: أنت فى ضلال، مبين فنزلت الآية بأنهم فيه لا هو، وسبب ذلك مجيئه بالهدى، فكان الكلام له بالباء ولهم بقى.