الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي ٱليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِيۤ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }

{ وأوْحَينا } بملك غير جبريل، وقيل جبريل، وهذا ليس إيحاء بشرع الى قوم، أو عامة فليس من النبوة، وأيضا إيحاء النبوة مستمر، وهذا مرة واحدة، وأيضا هذا فى غير الشرع خاصة، والمرأة لا تكون نبية، ويتقوى ذلك بقوله عز وجل: " إنَّا رادُّوه " الخ أو بإلهام، ويضعف بذكر الى، والرد والجعل، ويجاب بأن المعنى أشرنا إليها بإلهام مائل الى الرد والجعل، لقوته أو برؤيا أوقع الله بها فى قلبها، أو ليعين أو قصتها على إسرائيل عالم، فعبرها بذلك، أو أوحى إليها بواسطة نبى فى عصرها.

{ الى أمِّ مُوسى } اسمها محيانة بنت يصهر بن لاوى بن يعقوب، أو يوخابذ أو يارخا أو يارخت { أن أرْضعيهِ } ما استطعت ولا تأسى فتتركيه، أو تهاونى به ما لم تخافى عليه أن يؤخذ بذبح { فإذا خِفْت عليه } من جاسوس { فألقيه فى اليمِّ } وروى أنها ألقته ليلا فى البحر، وهو هنا النيل، والأصل فى اسم البحر الماء الملح المغرق الماكث، والمراد ألقيه على وجه المخصوص الموحى به، أو اجهدى رأيك فى إلقائه مع سلامته { ولا تخافى } عليه ضيعة أو موتا أو غرقا أو شدة جوع { ولاَ تحْزَنى } على مفارقته { إنَّا رادُّوه إليْكِ } عن قريب كما يدل له اللطف إليها بقوله: { ولا تخافى ولا تحزنى } فتطمئن الى هذا اللطف، وأنه إن طال الفراق ما اطمأنت اليه، وكما يناسبه اسم الفاعل فإنه فى الأصل للحال، ولو كان هنا للمستقبل، ومن شأن الانسان الحزن على مفارقة من ألفه.

لما كان صلى الله عليه وسلم خارج مكة مهاجراً، أوحى الله إليه إذ حزن على فراقها:إنَّ الَّذى فرض عليك القرآن لرادُّك إلى معادٍ } [القصص: 85] واسأل الله العظيم، الرحمن الرحيم، بما هو اسمه العظيم عنده الذى لا يرد السائل به، مستشعراَ سعة رحمته قدر وسعها عنده، أن لا يجعلنا ممن يكون يوم القيامة فى النار، ويتمنى الرجوع الى الدنيا، وكل أهل النار كذلك، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم فى كل لحظة { وَجَاعِلوه مِن المُرْسلين } جمعت الآية أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين.