الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }

{ فجاءته إحداهما } قيل الكبرى، لأنها أعلم بالكلام والملاقاة، وقيل الصغرى لخفتها { تمْشى على اسْتحياءٍ } ثابتة على استحياء عظيم، ولو كانت الكبرى وذلك لعظم مواجهة موسى، ويقال وضعت كمها او ثوبها على وجهها { قالَتْ إنَّ أبى يدْعُوك ليجْزيك أجْر ما سقيتَ } أجر سقيك { لنَا } فاتبعها ليتبرَّك بالشيخ، وليستفيد أخاً يسكن إليه، وليحقق كلامها فى أخذ الأجرة، فان كان حقا تركه، وبين له انه سقى لهما لوجه الله عز وجل، وإن وجده معداً للضفان مطلقا لا لخصوص سقيه أكل، ولما دخل وجد الطعام مهيأ، فقال شعيب: كل، فقال: أعوذ بالله، إنا قوم لا نأكل على عملنا لوجه الله أجرا، فقال شعيب: إن من عادتى وعادة آبائى إطعام الضيف وهذا منه، وقيل تبعها لضرورة الجوع الواجبة، فتقدمته لتدله على الطريق، فلعب بها الريح، وقال: تأخرى ودلينى على الطريق إذا أخطأت بكلام أو حصاة.

{ فلمَّا جاءه وقَصَّ عليه القَصص } جنس ما وقع له مع فرعون وفى طريقه { قال لا تخفْ نَجَوت من القَوْم الظالمين } فرعون ومن معه، علم من قبل أن فرعون لا يجرى حكمه فى مدين كما مرَّ، وقيل إلهاماً من الله عز وجل لشعيب عليه السلام، ولا ينقص بذلك سقيه، لأن ذلك أداء للواجب، حتى قيل: إنه رفع صوته بقوله: ربّ إلخ لتسمعا، قيل: وصله وقت العشاء، فوجد الطعام مهيأ، فقال أعود بالله، إنى ممن لا يبيع أحدهم عمل الآخرة بملء الدنيا ذهبا، قال هذه عادتى للضيف مطلقا فأكل.