الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَٱسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ ولمَّا بلغَ أشده } قوته { واسْتَوى } فيه، قلت: وذلك وقت واسع يبلغ أوله، فعن ابن عباس: الأشد هو الثمانى عشرة، والثلاثون وما بينهما، والاستواء ما بعد الثلاثين الى تمام الأربعين، وينقص بعدها، وعنه الأشد ثلاث وثلاثون سنة، والاستواء أربعون، ولا يجاوز أربعين، وقد قيل: الاستواء أربعين لقوله تعالى:حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة } [الأحقاف: 15] وما ذكر من الروايات، وما ذكروه من الأقوال، جرى على الغالب، فقد يكون الأشد سبع عشرة كما قال الزجاج، أو أقل، وقد يكون فوق ولو الى عشرين باختلاف الأعصار والأحوال والمواضع، والمتبادر أن تفسير الأشد والاستواء على عموم، لا على من ورد ذكرهما فى شأنه، كموسى هنا عليه السلام.

{ آتيناه حكْماً } نبوة أو علماً من خواص النبوّة، أو سنة وحكمة الأنبياء سنتهم، واذكرن ما يتلى إلخ { وعلماً } بالدين والشريعة، وهو أعم مما قيل العلم بالتوراة، وقيل: آتيناه سيرة الحكماء العلماء قبل النبوة، لأنها بعد الوكز والهجرة الى مدين، ورجوعه مها، والتوراة بعد إغراق فرعون، كما يدل له قوله { وكذلك } مثل فعلنا بموسى وأمه عليهما السلام، { نَجزى المُحْسنين } لاحسانهم، فإن النبوءة لا تكون جزاء على الاحسان، بل هى امر من الله مستأنف لمن يصلح له، ولا يصح ما قيل إنه أوحى الى موسى جعلتك نبيا، لأنك أشفقت على شاة كسرت، وأجاز بعض أن يكون مزيد قرب فى الطاعة سببا فى ركن منها، وإذا هذا الاتياء قبل أوان النبوَّة فايتاء رياسة دينية ودنيوية فى بنى إسرائيل.