الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّكَ عَلَى ٱلْحَقِّ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } * { وَمَآ أَنتَ بِهَادِي ٱلْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ }

{ فتوكل على الله } الذى شأنه ذلك، فانه يجب على كل أحد التوكل عيله { إنَّك عَلى الحقِّ المُبين } الظاهر فى نفسه، أو المظهر الحق من الباطل، والمحق من المبطل، تعليل للتوكل، وتوكل عليه لأنك محق، وهو لا يخذل المحق، وعلله أيضا بقوله:

{ إنَّك لا تُسْمِع الموْتى } أى اقتصر على التوكل، ولا تشتغل بهم، لأنهم كالموتى لا تسمعهم، وهذا فى طائفة منهم، وقال فى الأخرى: { ولا تُسمع الصُّم الدعاء إذا ولَّو مُدْبرينَ } وفى الأخرى:

{ وما أنْتَ بهادى العُمْى عَنْ ضَلالتهم } وإنَّما قلت طوائف لأنه لا فائدة لذكر الصمم والعمى، بعد ذكر الموت الشامل لهم، وإن شئت فالموتى موت القلب فبقى موت الأذن والعين، فذكرهما بعد، ولا يتعرض بأن شأن القلب العلم لا السمع، لأن المراد بالسمع العلم، وان شئت فهم كالموتى، على فرض حياتهم بعد أو من أول فكالصم والعمى، وأكد بالادبار فى التولى الأصم لا يسمع، ولو ثبت عندك، وقابلك بأذنيه، فكيف إذا أعطاك خلفهما، وولى وعن متعلق بهادى { إنْ تُسمع } يؤثر كلامك بالهدى وينفع { إلاَّ مَن يْؤمن بآياتنا } إلا من قضى الله أنه يؤمن ويزول صممهم وعماهم وموتهم، والمضارع على حاله، لأنه لا يصح ان يقال قضى الله انه آمن لأنه لم يؤمن فى الأزل فلا اعتراض، وقيل من يؤمن بأن القرآن من الله تبارك وتعالى، فيجد فيه نبوءتك.

ويبحث بأن الكلام فى نفس هذا الايمان بالقرآن، وكل ماض أو حال قد كان مستقبلا قبل، وقيل الآيات المعجزات، قيل لم يقل إن تهدى إلا من يؤمن، بدل من تسمع الا من يؤمن مع ان الهداية أقرب ذكرا، لأن طريق الهداية إسماع الآيات القرآنية، وقيل: إنك لا تسمع الموتى جواب لقول القائل ما لهم لا يؤمنون بمن هو على الحق، قلت: قليل الفائدة، وأما ان يخالفه ما قبله او بعده، فلا مخافة { فهمْ مسْلمُون } منقادون، أو مخلصون تفريع باسمية على فعلية، لا تعليل لايمانهم، ولا لما يدل عليه الكلام من انهم يسمعون إسماعاً نافعاً كا قيل لعدم تبادر ذلك.