الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِيۤ أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ }

{ قالَ الذى عنْدهُ علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أنْ يرتَدَّ اليكَ طَرْفك } أعاد القول بيانا لتفاوت القولين ورجحان الثانى، حتى أنه لا اعتبار للأول إلا إذا فسرنا القيام من مقامك باستوائك واقفاً، فانه قريب من مقدار ارتداد الطرف لكن يبقى التفاوت ببعض المدة، وبأن ما من الذى علم من الكتاب أقوى وأنسب مما نسب لقوة البدن، والعلم إدراك أو أمر معلوم أدركه يجاب به الدعاء، والكتاب التوراة أو الجنس أو اللوح المحفوظ.

وقيل: الذى أرسل الى بلقيس هو آصف بن برخيا بن شمعيا بن منكيل، وأمه باطور من بنى اسرائيل، وهو وزير سليمان وابن أخته، يعلم الاسم الأعظم، وكان كاتبه، أو هو رجل اسمه أسطوم، وقيل: أسطورس، وقيل، رجل يقال له: ذو النور، وقيل الخضر، وقيل رجل اسمه ملخ أو تمليخا، وقيل يقال له هود، وقيل ضبة بن أد جد بنى ضبة من العرب، يخدم سليمان، وكان على قطعة من خيله، وقيل: جبريل، وقيل ملك آخر من الملائكة، أيد الله به سليمان عليه السلام، والمشهور الأول آصف، دعا: يا حى يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، يا حى يا قيوم، يا إلهنا وإله كل شىء إلهاً واحداً، إتينى بعرشها، دعا بذلك فأتت به الملائكة من تحت الأرض، ووضعته بين يدى سليمان، وكاف آتيك فى الموضعين لسليمان.

وقيل: هو سليمان لأنه أعلم أهل زمانه، سجد ودعا فالكاف الثانية، وكاف إليك وطرفك خطاب منه للعفريت استحقار منه لقوة العفريت بالنسبة لما فى العلم، ومعنى إتيان سليمان به للعفريت استحضاره فى موضع هو فيه، والصحيح هو الأول، وتخصيص أحد من أمة نبى بما لم يكن لذلك النبى لا يقدح فيه، لأن الله أن يفعل ما شاء، وأيضاً لم يخبرنا الله أن سليمان لا يقدر على ذلك، وأيضاً ذلك للرجل مع عظم شأنه تحت سليمان، وخدم من خدمه، والموصول وصلته، يجوز استعماله فى غير معلوم للتعظيم، نحو:فغشيهم } [طه: 78] الخ، فلا يلزم ان يكون هو سليمان، وقوله: { من فضل ربى } حمد على ما أجرى الله تعالى له على من تحت يده.

وأيضا جرى على يد آصف، ليعلم الناس أنه خليفة بعده، ويعلموا فضله، وأن ما ناله انما ناله بصحبة سليمان والمراد بارتداد الطرف مدة رجوع نظره اليه بحسب اختياره لا الى خصوص نفسه، فانك تنتقل من نظر شىء الى ما شئت من إمساكه عن النظر، ومن نظره الى آخر وفسره بعض بانضمام الجفن بعد فتحه، ويروى أن آصف بن برخيا قال لسليمان: مد عينيك حتى ينتهى طرفهما فنظر نحو اليمن كذلك، فحضره العرش قيل ارتداده.

السابقالتالي
2