الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ ٱللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ } * { ٱرْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ }

{ فلمَّا جاء سليمان } أى هو أى المال والهدية فى معناه، فذكَّرها ولم يؤنثها، ويدل لهذا قوله: { قال أتمدُّوننى بمالٍ } ولا يعود الى الرسول، لأنه قال:بم يرجع المرسلون } [النمل: 35] ولم يقل: بم يرجع الرسول، ولو جاز تأويل المرسلون بجنس الرسول، لأنه خلاف المتبادر، اللهم إلا أن يعتبر كبير رسلها، وهو المنذر بن عمرو، على أنهم لا يلقون سليمان كلهم، ويتقوى هذا بقوله: { ارجع اليهم } بالافراد، أو يلقونه، ويخصه بالخطاب، والاداد الزيادة، والخطاب لها ولرسلها، تغليب للحضور والذكورة، والهدية مائة وصيف على البراذين، أو خمسمائة ألبستهم لباس النساء، وأمرتهم أن يخنثوا كلامهم، ومائة وصيفة على الرماك، أو خمسمائة البستهن لباس الرجال، وأمرتهن بتغليظ الكلام كالرجل، وحُق فيه درة عذراء، وخرزة جزع معوجة الثقب.

وميز الاناث بأخذ الماء بيد، وإلقائه فى اخرى، وغسل الوجه بذلك، وإلقاء الماء على باطن الساعد، والذكور بأخذه باليدين، وغسل الوجه بهما، والقاءه على ظهر الساعد، وأخذت دودة بيضاء شعرة، فدخلت بها الثقب حتى خرجت من الخرزة، وثقبت الأرضة الدرة.

ويروى أنه قريش تسعة فراسخ بِلَبِن الذهب والفضة وأخلى فيها مقدار ما أرسلت من اللبن، كانها سرقت من تلك الفراسخ، وجعل على الفراسخ دواب أفضل مما أرسلت من الدواب، تبول على لَبِن الذهب والفضة وتروث عليها، وفى الهدية عصا توارثها ملوك حمير، وقالت: بين لى رأسها فأرسلها فى الهواء فما وقع على الأرض فراسها، وقدر تريد ملأه بماء ليس من أرض ولا سماء فأجرى الخيل وملأه بعرفها، وبشر بالرسل إذ جاءوا، ولما رأى الهدية أنكر عليهم وقال: " أتمدوننى بمال " ومعناه ان هذا خطأ منكم، ولهذا علله بقوله:

{ فما آتانى اللهُ } من النبوَّة والمال والملك { خَيرٌ ممَّا آتاكم } من مال وملك { بل أنتُم } لا أنا { بهديتكُم تفْرحُون } إضرابٌ انتقالى الى تنقيصهم بفرحهم، بما أهدوا اليه، واعتناءهم به، وعدهم اياه مما يفرح به أو الى تنقيصهم بالفرح بما يهدى اليهم، أو الى أنه اعطاهم تلك الهدية التى جاءوا بها، فيفرحون فيه خفاء، والخطاب للرسل دخلوا عليه كلهم، كما هو الظاهر، أو كبيرهم المذكور، كما أفرد ضمير الرسل فى قوله:

{ ارْجِع إليْهم } يا منذر بن عمرو، ولو حضروا، لأن خطابه خطاب لهم لأنه أعظمهم وقرىءَ ارجعُوا، والهاء لبلقيس ومن تحتها غير تلك الرسل، وقيل: ارجع يا هدهد اليهم بكتاب آخر ينذرهم بقتال وهو ضعيف، وقد أخبره الهدهد بالهدية قبل أن تصله، وعلى كل حال لم يردها اليها، بل أمسكها كما طلب عرشها، وقيل: ردها وللامام العدل الأصلح من قبول أورد { فلنأتينَّهم } لعدم إتيانهم مسلمين { بجنودٍ } فأقسم بالله لنأتينهم عطف على ارجع، عطف إنشاء على آخر، لأن القسم إنشاء، وهذا يغنى عن جعل ذلك جوابا لمحذوف هكذا، إن لم يأتوا مسلمين فلنأتينهم بجنود من الجن والانس، أصيرهم آتين فالباء للتعدية، أو نأتى مقترنين بهم، فهى للمصاحبة.

السابقالتالي
2