الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ }

{ وَوَرث سليمان دَاوُد } أباه وراثة علم لا مال، لقوله صلى الله عليه وسلم: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة " قال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنَّ العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يورثوا دينا ولا درهما، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر " رواه أبو داود والترمذى، ومثله عن أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، ولنا أن نقول: ورث سليمان العلم والنبوة والملك، ولا ينافيه الحديث المذكور، لا فيه إرث للمال، لا نفى إرث النبوة والملك، واطلاق الإرث على ذلك مجاز استعارى لجامع القيام مقام من كان لذلك قبل، ووراثة غير المال فى مواضع من القرآن:ثم أورثنا الكتاب } [فاطر: 32]فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب } [الأعراف: 169] وأيضاً لداود تسعة عشر ولداً، فلو كان إرث مال لم يذكر سليمان وحده، إلا أنه لا مانع من ذكره وحده، لأنه خليفته.

وقد جاز أن يقال: ورث فلان أباه، ولا يلزم أنه ورثه، وحده إلا أنه لو كان ذلك لترك الايهام الى قوله: وقال سليمان بعد موت أبيه: يا أيها الناس، وأيضاً لا مدح فى إرث المال، والمقام للمدح بالدين، وهو حين موت داود ابن اثنتى عشرة أو ثلاث عشرة سنة، ويقال أوصى له بالملك، ويقال ولاه فى حياته، وربما تقوى بذلك أن الملك غير داخل فى الارث، لأنه بالايصاء أو فى الحياة، إلا ان ما بالايصاء يصح عليه الارث.

{ وقال } شكراً للنعمة، وإعلاماً وبرهانا للاعجاز، فلا بد من قوله ليصدقوه إذا قال عن الطير: { يا أيها الناس عُلِّمنا } عُلِّمت، وجمع لأنه أعظم قومه وماله يعود نفعه إليهم بالانقياد اليه، لا عُلمت أنا وأبى كما قيل { مَنْطق الطَّيْر } علمنا مضمون نطقها، وتسمية أصواتها نطقاً استعارة أصلية، لأن المصدر الميمى كسائر المصادر غير مشتق، أو سماها أصواتاً تسمية للمطلق بالمقيد، فذلك مجاز مرسل أصلى أو شبه الصوت بالانسان، ورمز الى ذلك بلازم الانسان، وهو النطلق، فالنطق استعارة تخييلية، صاح ورشان فقال: إنه قال: لدوا للموت وابنوا للخراب، وصاحت فاختة فقال: فقالت: ليت هذا الخلق لم يخلقوا، تعنى المكلفين من الجن والانس، وطاوس فقال يقول: كما تدين تدان، وهدهد فقال: يقول استغفروا الله مذنبين.

وروى أنه يقول: من لا يرحم لا يرحم، وقائل: استغفروا الله يا مذنبين، الصرد وطيطون فقال يقول: كل حى يموت، وكل جديد بال، وخطاف فقال يقول: قدموا خيراً تجدوه، وقيل يقول الخطاف: الحمد لله رب العالمين، ويمد كالقارىء، ورخمه فقال تقول: سبحان ربى الأعلى ملء سمائه وأرضه، وروى هذا لحمامة وقمرى فقال يقول: سبحان ربى الأعلى، وقيل سبحان ربى الدائم، والغراب يدعو العشار، وقال تقول الحدأة: كل شىء هالك إلا الله تعالى والقطاة: من سكت سلم، والببغاء: ويل لمن الدنيا همه، والديك: اذكروا الله يا غافلين، والنسر يا ابن آدم عش ما شئت آخرك الموت، والعقاب: فى البعد عن الناس أنس، والقنبرة: اللهم العن مبغض محمد وآل محمد، والزرزور: اللهم أسألك رزق يوم بيوم يا رزاق، والدراج: الرحمن على العرش استوى.

السابقالتالي
2