الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }

{ إلاَّ الذين آمنُوا وعَملُوا الصالحات وذكَروا الله كَثيراً } يقولون الشعر فى التوحيد، ومدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويهجون المشركين، ولا بأس به فى المباح تعلماً لما نزل، والشعراء يتبعهم الغاوون، جاء ناس من الأنصار كعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك باكين، وقالوا: يا رسول الله نحن شعراء، فأنزل الله عز وجل: { إلا الذين آمنوا } إلخ، ولم يزل الموحدون ينظمون الشعر فى علوم الاسلام، ومدح الرسول، وذكر معجزاته وشأنه وفى ذلك، وفى ذم المشركين انتصار عليهم.

وقال لكعب بن مالك: " إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذى نفسى بيده لكأنما ترمونهم به نضح النبل " واستمع لشعر حسان فقال: " لهذا أشد عليهم من وقع النبل " وسمع الشعر وأجاز عليه، وقال لحسان: " اهجهم وجبريل معك " وقال صلى الله عليه وسلم: " إن جبريل أعان حساناً على مدحى بسبعين بيتاً " روى انه صلى الله عليه وسلم دخل مكة فى عمرة القضاء، وبين يديه ابن رواحة يقول:
خلوا بنى الكفار عن سبيله   اليوم نضربكم على تنزيله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله   ويذهل الخليل عن خليله
فقال عمر رضى الله عنه: يا ابن رواحة أتقول الشعر بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى حرم الله تعالى؟ّ فقال صلى الله عليه وسلم: " دعه يا عمر فلهى أسرع فيهم من نضح النبل " وروى أن ذلك كعب بن مالك لا عبد الله بن رواحة، لأن عبد الله قتل يوم مؤتة، وعمرة القضاء بعد ذلك، والحق ان عمرة القضاء فى سنة سبع، ويوم مؤتة سنة ثمان، وكان صلى الله عليه وسلم يضع لحسان منبراً فى المسجد، يمدح رسول صلى صلى الله عليه وسلم ويقول شعراً، وكان يأمر حساناً وكعباً، وعبد الله بن رواحة بالشعر مدحاً للاسلام.

وعن ابن مسعود، عنه صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الله عز وجل يأمر شعراء المسلمين أنْ يقولوا شعراً يتغنى به الحور العين لأزواجهن فى الجنة " وشعراء المشركين يدعون فى النار بالويل والثبور، لما وجىء عمر رضى الله عنه قال له كعب، تموت لثلاث، فقال رضى الله عنه:
توعدنى كعب ثلاثاً يعدها   ولا شك أن القول ما قاله كعب
وما بى خوف الموت إنى لميت   ولكن خوف الذنب يتبعه الذنب
ولما مات صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة رضى الله عنها وأرضاها:
ماذا على من شم تربة أحمد   أن لا يشم مع الزمان غواليا
صبت على مصائب لو أنها   صبت على الأيام صرن لياليا
وقال الحسن بن على:
نسود أعلاها وتأبى أصولها   فليت الذى يسود منها هو الأصل

السابقالتالي
2