الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ }

{ وأنْذِر } بالعقاب على الاشراك { عشيرتك الأقْربينَ } اليك، واسم التفضيل خارج عن بابه، فمعناه القريبون، أو باق على معنى الذين هم أكثر قرباً اليك من غيرهم، والعشيرة الرهط الأدنون، يتكثر بهم الرجل، فانهم العدد الكامل، وهو العشرة، ويقال الشعب النسب الأبعد كعدنان، فالقبيلة وهى ما انقسم فيه الشعب كربيعة ومضر، فالعمارة وهى ما انقسم فيه أنساب القبيلة كقريش، وكنانة، فالبطن وهو ما انقسم فيه أنساب العمارة كبنى عبد مناف، وبنى مخزوم، فالفخذ وهو ما انقسم فيه أنساب البطن كبنى هاشم، وبنى أمية، فالفصيلة وهى ما انقسم فيه انساب الفخذ كبنى العباس، وبنى عبد المطلب، وليس دون الفصيلة إلا الرجل وولده.

وقال الكلبى: الشعب، فالقبيلة، فالفصيلة، فالعمارة، فالفخذ، وأما العشيرة فقيل تحت الفخذ، وفوق الفصيلة، وقيل كل كثير راجعين الى اب مشهور، بأمر زائد شعب، كعدنان، فالقبيلة وهى ما انقسمت فيه أنساب الشعب كربيعة ومضر، فالعمارة وهى ما انقسمت فيه أنساب القلبية كقريش وكنانة، فالبطن وهى ما انقسمت فيه أنساب العمارة، كبنى عبد مناف، وبنى مخزوم، فالفخذ وهى ما انقسمت فيه أنساب البطن، كبنى هاشم، وبنى أميه، فالعشيرة وهى ما انقسمت فيه أنساب الفخذ، كبنى العباس، وبنى أبى طالب، والحى يصدق على الكل، لأنه الجماعة النازلون بمريع، ولعل قائل هذا لم يذكر الفصيلة لاتحادها بالعشيرة.

وفى أمر الله تعالى إنذار عشيرته تقديم النفع لهم إيذاناً بأن الأقرب مقدم فى النفع، وذلك من باب صلة الرحم المعروفة فى الجاهلية، كالاسلام، ودفع لما يتوهم أن انذاره وتبليغه تشديد على غيرهم دونهم، قال ابن عساكر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أزهد الناس فى الأنبياء، وأشدهم عليهم الأقربون " ذلك فيما أنزل الله عز وجل: { وأنذر عشيرتك الأقربين } وفى البيهقى، أن كعب الأحبار قال لأبى موسى الخولاى: كيف تجد قومك؟ قال: مكرمين مطيعين، قال ما صدقتنى التوراة إذن، وايم الله ما كان رجل حليم فى قوم قط إلا بقوا عليه وحسدوه.

وعن أبى الدرداء: أزهد الناس فى العالم اهله وجيرانه إن كان فى حسبه شىء عيروه، وان كان قد عمل فى عمره ذنباً عيروه به، ويقال ما كان كبيرهم فى عصر إلا كان له عدو من السفلة إذ الأشراف لم تنزل تبتلى بالأطراف، فكان لآدم إبليس، وكان لنوم حام وغيره، وكان لداود جالوت وأضرابه، وكان لسيمان صخر، أى ثم قبض عليه، وكان لعيسى بخت نصر، وبعد نزوله الدجال، ولإبراهيم نمروذ، ولموسى فرعون، وكان لمحمد صلى الله عليه وسلم أبو جهل، وكان لابن عمر عدو يعبث به كلما مرّ، وكان لعبد الله بن الزبير أعداء يرمونه بالرياء والنفاق فى صلاته، وصبوا على رأسه فى الصلاة ماءً حميماً فزلغ وجهه ورأسه، وهو لا يشعر، ولما سلم قال: ما شأنى؟ ذكروا له ما وقع فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل.

السابقالتالي
2 3