الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } * { وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ }

{ قالَ } فرعون لموسى عليه السلام، بعد أداء ما أرسل به من توحيد الله عز وجل، وقد قيل قعداً على بابه مراراً كثيرة، عاماً تاماً، ولم يؤذن لهما، حتى قال البواب: إن فى الباب إنسانا يزعم أنه رسول رب العالمين، فقال: ائذن له نضحك منه، فدخلا فأديا الرسالة، فعرف موسى فقال: { ألم نُربِّك فينا وَليداً } وقيل: أتياه ليلا حين وصل موسى، فقرع عليه الباب، ففرغ وقال: من يضرب بابى فى هذه الساعة؟ فأشرف البواب، فقال له:إنَّا رسُول رب العالمين } [الشعراء: 16] فقال فرعون: بالباب مجنون، ويزعم أنه رسول رب العالمين، فقال أدخله، فدخل، فبلغ الرسالة، وعلى كل قول عرفه فقال: { ألم نربك فينا وليداً }.

{ ولَبثْتَ فينا مِن عمرك سنين * وفَعَلت فَعلتك التى فَعَلت وأنتَ مِن الكافرين } فينا فى منازلنا، فحذف المضاف أولا يقدر فيكون المعنى إنك منَّا حينئذ، والوليد بمعنى المولود الذى قرب عهده بالولادة، وهذا عرف عام، والأصل المولود، ولو كبر فإن الانسان مثلا مولود على كل حال، ولبث موسى فيهم ثلاثين سنة، وأقام بمدين عشراً يرعى لشعيب، وتزوج بنته فذلك أربعون فنبئ فعاد إليهم يدعوهم، وقيل لبث فيهم اثنتى عشرة سنة، فوكز القبطى ففر، ومكث عند شعيب عشراً فتزوج بنته، وبعد تزوجها ثمانى عشرة، فذلك أربعون، وبقى بعد الغرق خمسين، والفعلة التى فعل قتل القبطى، وذلك توبيخ.

وقيل قدم فى رسالته بقتله لو كنت رسولا على زعمك أن للعالمين إلهاً، وأنك رسوله، أو أراد أنه لم يشكر نعمة التربية، كما صرح به فى قوله: { وأنت من الكافرين } لنعمتى إذ قتلت رجلاً خبازاً لى من خاصتى، وقيل من جملة القوم الذين تدعى كفرهم، وتسميتهم كافرين إذ كان يخالط القبط قبل القرار، وبعد رجوعه الى مصر للتبليغ بالتقية، أو من الكافرين بألوهتى، على أن الجملة مستقلة منه غير مبنية على ما قبلها، وما مر أولى فتكون حالا من تاء لبثت، أو فعلت.