الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }

{ والَّذين إذا أنْفقُوا } أرادوا الإنفاق { لم يُسْرفُوا ولم يقْتَروا } أو إذا أنفقوا لم يوجدوا مسرفين ولا مقترين، والإسراف أن ينفق ماله كله أو إلا قليلا لا يكفيه حاله، فيبقى يتكفف الناس، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال عز وجل:ولا تبسطها كل البسط } [الإسراء: 29] قال الحسين بن الفضل، وافق قول العرب خير الأمور أوسطها، قوله تعالى:لا فارض ولا بكر } [البقرة: 68] الخ وقوله تعالى { والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا } وقوله تعالى:ولا تجعل يدل مغلولة } [الإسراء: 29] إلخ وقوله:ولا تجهر بصلاتك } [الإسراء: 110] الخ ووافق قولهم: من جهل شيئا عاداه قوله تعالى: { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه } [يونس: 39] وقوله تعالى:وإذ لم يهتدوا به } [الأحقاف: 11] الخ، ووافق قولهم: احذر شر من أحسنت اليه قوله تعالى:وما نقموا إلاَّ أنْ أغناهم الله ورسوله } [التوبة: 74] الخ.

ووافق لهم: ليس الخبر كالعيان قوله تعالى:أو لم تؤمن قال بلى } [البقرة: 260] الخ، ووافق قولهم: البركات فى الحركات قوله:ومن يهاجر فى سبيل الله } [4: 100] الخ ووافق قولهم: كما تدين تدان قوله تعالى:من يعمل سوءاً } [النساء: 123] الخ، ووافق قولهم حين تغلى تدرى قوله تعالىفسوف يعلمون إذْ الأغلال } [غافر: 70 - 71] الخ وقوله تعالى:وسوف يعلمون حين يرون } [الفرقان: 42] الخ.

ووافق قولهم: لا يلدغ الرجل من جحر أفعى مرتين قوله تعالى:هل آمنكم } [يوسف: 64] الخ ووافق قولهم من أعان ظالماً سلط عليه قوله تعالى:كتب عليه أنه من تولاه } [الحج: 4] الخ، ووافق قوله: لا تلد الحية إلا حية قوله تعالى:ولا يلدوا إلاَّ فاجراً كفاراً } [نوح: 27] ووافق قولهم للحيطان آذان قوله تعالى:وفيكم سماعون لهم } [التوبة: 47] ووافق قولهم: الجاهل مرزوق، والعالم محروم، قوله تعالى:من كان فى الضلالة } [مريم: 75] الخ ووافق قولهم الحلال يأتيك قوتاً والحرام جزافاً قوله تعالى:إذ تأتيهم حيتانهم } [الأعراف: 163] الخ، وبعض ذلك فى الحديث، أو أخذه صلى الله عليه وسلم من كلام العرب، وإذ وافق الحق والإقتار تضييق الشحيح، أو الإسراف الإنفاق فى المعاصى، والإقتار الإمساك عن إتمام طاعة، مثل أن يعطى بعض الزكاة دون بعض، وجارا دون جار، ولا يشبع ضيفه، ويبعد ما قيل الإسراف الإنفاق من مال غيرك، والأولى أولى، ويضعف غيره أو يبطله قوله تعالى:

{ وكان } الانفاق { بين ذلك قواما } إذ لا يحسن أن يقال كان بين الانفاق من ماله، والانفاق من مال غيره قواما، ولا بين الانفاق فى المعاصى وعدم الإتمام سواء، ولو أمكن قال عبد الملك بن مروان: إذ زوج بنته لعمر بن عبد العزيز ما نفقتك؟ قال الحسنة بين السيئين، ويقال أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يأكلون طعاماً للتلذذ، ولا يلبسون ثياباً للجمال والزينة، ولكن سد الجوعة وستر العورة، قال عمر رضى الله عنه: كفى سرفاً أن لا يشتهى الرجل شيئاً إلا أكله، وروى إلا اشتراه فأكله، ومعنى قواما عدلا، كل واحد يقاوم الآخر.