الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً }

{ وتوكَّلْ } فى الاستغناء عن أجورهم: ودفع ضررهم { على الحىّ الذى لا يمُوتُ } فهو الذى هو أحق بالتوكل عليه، لدوامه مع الغنى والقدرة، وفى التوراة: لا توكل على ابن آدم فان ابن آدم ليس له قوام، ولكن توكل على الحى الذى لا يموت، قال بعض السلف: لا يصح لذى عقل أن يثق بعد هذه الآية بمخلوق { وسَبِّحْ } نزه الله عز وجل بصفاته عن صفات الخلق، والنقص لجلاله، وليزيدك النعم على الشكر { بحَمْده } ثابتا مع حمده، والتسبيح تخلية، والحمد تحلية، ولذا أَخره ولم يقل أَحمده بتسبيحه، ولم يقل وبحمده سبحه، وأحاديث ثواب التسبيح كثيرة، ومنها: " من قال سبحان الله وبحمده غفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر " { وكَفَى به } الهاء فاعل كفى، والباء صلة، أى كفى هو أى الله { بذُنوب عِبادِه } متعلق بقوله: { خبيراً } ظاهرها وباطنها، كما دلت عليه إضافة الذنوب للجمع المؤذنة بالعموم على ما قيل، وفيه أنها كالاضافة الى المفرد إلا أن فيها ذنب هذا وذنب هذا.

فإذا قلت: بذنوب فلان، فهى أيضاً ذنوبه كلها، فكلتاهما للعموم، ولا دليل على خروج الذنب الباطن، فهو داخل كما دلت عليه الآيات، والدليل وقوله: { خبيراً } لأن الخبرة متبادرة فى البواطن، فالظواهر أولى، ولكنها عند الله سواء فهو يجازيهم على الباطن والظاهر، وخبيراً حال، والآية تسلية له صلى الله عليه وسلم، وتهديد للكفار.