الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً }

{ ولقد صرفناه } حولنا أحواله وأوقاته وأنواعه من وابل وطل ورذاذ ونحوها { بينَهم } بذلك، وبالقلة والكثرة، وعن ابن عباس رضى الله عنهما فى معنى التصريف ما من عام بأقل مطراً من عام، ولكن الله يصرفه حيث يشاء، ولفظ ابن مسعود: ليست سنة امطر من سنة لكن الله تعالى قسم هذه الأرزاق فجعلها فى هذه السماء الدنيا فى هذا القطر، أى المطر ينزل منه كل سنة بكيل معلوم ووزون معلوم، واذا عمل قوم بالمعاصى حول الله ذلك الى غيرهم، واذا عصوا جميعاً صرف الله تعالى ذلك الى البحار والفيافى، وقيل التصريف فى الآية للريح.

{ ليذكَّروا } يتذكروا ابدلت التاء ذالا، وأدغمت فى الذال، والمعنى ليحضرهم ما نسوا من العيرة، إذ كان قد سبق لهم شىء، ولا يخلون منه أو غفلوا عنه أو جهلوه، { فأبى أكثر الناس إلاَّ كفوراً } للنعم بفعل المعاصى ومعاصى المشركين كلها كبائر، ولا صغيرة لهم تغفر لاصرارهم، ولو تفاوتت معاصيهم، ومن كفرهم قولهم مطرنا بنوه نجم كذا، معتقدين ان النجم مستقل بالأمطار اوله تأثير فيه ولا مؤثر على الحقيقة إلا الله، ومن قال: مطرنا بنوء كذا ونوى ان الله هو الخالق للمطر ونزوله عند نجم كذا، ولا أثر للنجم فيه فلا إشراك ولا معصية، إلا أن أوهم أحدا فنفاق، ويكره وإن لم يوهم، ولا كفر أيضاً، اعتقد ان الله خلق عند فلك أو نجم سبباً للمطر، وأن الله هو مسببه، ويجوز عود هاء صرفناه الى القرآن، ألا ترى الى قوله: { وجاهدهم به } والى ان التذكر به أنسب، وفيه أيضاً ذكر دلائل المخلوقات، إلا أن قوله بينهم أنسبه بغير القرآن، ويبعد عوده الى ذكر انشاء السحاب، وإنزال المطر، كرر ذكر ذلك للأمم، فتكون هاء بينهم وواو يذكروا للناس كلهم الأمة ومن قبلها.