الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً }

{ وهو الَّذى أرْسل الرياحَ } من هنا ومن هنا كما قال صلى الله عليه وسلم: " اللهم اجعلها رياحاً لا ريحاً " وريح العذاب تأتى واحدة ولا تفرد فى القرآن إلا للشر { بشراً } جمع نُشور بفتح النون كرسول ورسل، والمعنى ناشرات للسحاب من النشر بمعنى البعث { بيْن يَدَى رحْمتِه } متقدمة على رحمته التى هى مطره الجائى بعد الرياح، سمى رحمة تجوزاً إرسالياً الأصل مرحوماً به، أى منعماً به، وهو الماء، وشبه المطر بنحو سلطان يتقدم بين يديه خاصته أو أعوانه، واستعير لفظ سلطان له على الكناية، وذكر بين يدى قرينه، ويجوز أن يكون الكلام استعارة تمثيلية.

{ وأنْزلنَا } تكلماً بعد غيبة إظهار لكمال العناية { منَ السَّماءِ } احدى السبع، والله قادرا أو السحاب أو جهة العلو، وقد قيل: إن فى الهواء بحر ماء عذب { ماءً طَهُوراً } آلة للطهارة كالوضوء بفتح الواو للماء الذى يتوضأ به، والغسول بفتح الغين لما يغسل به، والسحور بفتح السين لما يتسحر به، والفطور بفتح الفاء لما يفطر به، والوقود لما يوقد به، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " التراب طهور " بفتح الطاء أى آلة لرفع الأحداث بالتيمم ومزيل للأنجاس بالحك به، وهو باق جلى أصله من اللزوم، وليس بمعنى التطهير او الطهارة، بل بمعنى ما يفعل به ذلك، وليس صفة مبالغة كضروب، ولا يكفى أن يقال: إنه طاهر جداً، حتى أنه مطهر لغيره، وليس كل طاهر جداً مطهراً لغيره، وأيضا يوهم التعدى، واللازم لا يكون متعدياً بكنه على وزن فعول، وليس فعول من التفعيل فى شىء، وقياسه على ما هو متعد كقطوع ومنوع غير سديد، وبناء فعول للمبالغة مع بقاءه على اللزوم إن كان فعله لازماً.