{ أرأيت } يا محمد ببصرك، أو ذكرت بقلبك { مَنْ } موصولة مفعول لرأيت { اتخذ إلٰهه هَواهُ } تعجيب له صلى الله عليه وسلم، من اعتبار الألوهية بميل الهوى، وإذا أمكن جهل المتقدم مبتدأ بلا ضعف معنى، ولا صناعة فهو مبتدأ، والهوى بالمعنى المصدرى، أو بمعنى المهوى، كان الحارث بن قيس كلما هوى حجراً عبده، قال ابن عباس: كان الرجل يعبد الحجر الأبيض زمانا، وإذا رأى أحسن منه عبده وترك الأول، فنزل: { أرأيت من اتخذ } إلخ وأقول لا يترك عموم اللفظ لخصوص السبب، فالآية أعم من ذلك، كما قال ابن عباس فى الآية: كلما هوى شيئاً فعله لا يحجزه ورع ولا تقوى، فمن فعل كبيرة من أهل التوحيد، فقد جعل إلهه هواه، إذ تبع ما هواه، وخالف الله عز وجل. أخرج عبد بن حميد أنه قيل للحسن البصرى أفى أهل القبلة شرك؟ فقال: نعم المنافق مشرك، أى فى المعنى أن المشرك يسجد للشمس والقمر، أى مثلا والمنافق أى فاعل الكبيرة عبد هواه، ثم تلا الحسن هذه الآية، فترى فاعل الكبيرة منافقاً مع أنه لم يضمر الشرك، كما يسمى مضمره منافقاً قال بعض المحققين من قومنا ما ذكره الحسن هو ما ذكره غير واحد من الأجلة. وأخرج الطبرى أبو نعيم عن أبى أمامة عنه صلى الله عليه وسلم: " ما تحت ظل السماء من إله يٌعبد من دون الله تعالى أعظم عند الله عز وجل من هوى يتبع " والمشرك داخل فى الاية أولا، وذلك كما جاء أن الرئاء شرك { أفأنت تكون عليه وكيلاً } أتشاهد غلوه فى الهوى، فأنت تكون وكيلا عليه تقهره على الاسلام.