الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ ٱفْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً }

{ وقال الَّذينَ كَفَروا } كفار قريش، وسائر العرب، كالنضر بن الحارث، وعبد الله بن أمية، ونوفل بن خويلد { إنْ هذا } أى القرآن وسائر ما يقوله صلى الله عليه وسلم من الوحى، وفى إشارة القرب تحقير { إلاَّ إفك } كذب محتال فيه { افتراه } محمد صلى الله عليه وسلم، وليس من الله { وأعانَهُ } أعان محمداً { عليه } أى على هذا، أو على الإفك، أو على افترائه { قومٌ آخرون } اليهوديون نسباً أو ديانة، بمعنى أنهم يخبرونه بما مضى، وذكر فى التوراة، فيقول به: إنه من الله عليه، كما قيل إن عداسا وعائشا مولى حويطب بن عبد العزى، ويسارا مولى العلاء بن الحضرمى، وجبرا مولى عامر، وأبا فكيهة الرومى، قرءوا التوراة وأسلموا، وجالسوه صلى الله عليه وسلم، فتوهم مشركو العرب أو تعمدوا أن ما يقوله صلى الله عليه وسلم منهم لا وحى من الله، كيف يتلقى أفصح العرب صلى الله عليه وسلم كلاما من العجم الذين لا يعرفون كلام العرب، كما قال الله عز وجل:لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين } [النحل: 103] فهو لا يفهم كلامهم، فيترجمه بالعربية، ولا ينافى كونهم مؤمنين لفظ آخرون، لأن كلا استحق اسم القوم، فذلك قوم، وهذا قوم.

{ فقد جاءوا ظُلماً } مفعول به تقول: جئته أى حضرته ووصلته، قال الله تعالى:فلما جاءهم } [الصف: 6] ولا حاجة الى تقدير الباء، ولا الى جعله حالا أى ظالمين أو ذوى ظلم أو مبالغة، والتنكير فيه وفى قوله: { وزوراً } للتعظيم، إذ جعلوا عين الحق الذى لا احتمال فيه، ويدركه كل عاقل إلا من عاند باطلا ظلموا بذلك أنفسهم، والنبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين والقرآن والاسلام، وجعلوه كذبا، والكذب زور لميله عن الحق، والزور الميل، والفاء للترتيب الذكرى، أو على معنى أنه بعد قولهم ذلك يذكرون بأنهم جاءوا ظلماً وزوراً، ويضعف أن يكون ضمير جاءوا للقوم الآخرين، وأنه من كلام الكفرة، أى جاء المعينون له ظلماً وزورا باعانتهم محمداً صلى الله عليه وسلم.