الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَآءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ لا تجعلُوا دُعاء الرسول } إياكم الى شىء فعلاً كان أو تركا { بينَكم } متعلق بتجعلوا، أى لا تعتقدوا فيما بينكم أيها المؤمنون، وكل واحد منهى عن ذلك الاعتقاد، فالنهى متوزع فيهم أو فيما بينكم وبينه صلى الله عليه وسلم، فالكاف على هذا له ولهم أو فى أمر هو بينكم، { كدُعاءِ بعضِكُم بعْضاً } الى فعل شىء أو تركه، فإذا دعاكُم فلا تقعدوا، وإذا أجبتم فلا تنصرفوا إلا بإذنه، أو لا تعتقدوا بينكم أن دعاء الرسول ربه كدعاء صغيركم كبيركم، وفقيركم، غنيكم، ويجيب ويرد، فإن دعاءه صلى الله عليه وسلم ربه مستجاب غالباً، والرد قليل أو مستجاب كله، إما بنفسه أو عوضه كما دعا ربه أن لا يذيق أمته بعضاً بأس بعض، وأذاقها وعوضها للآخرة خيرا مما طلب وصرف البلاء والشفاعة، وثواب المصائب او لا تعتقدوا دعاءه بينكم، أو بينكم وبينه كدعاء بعضكم بعضاً يا زيد يا عمر، ولا تقولوا: يا محمد ويا ابن عبد الله، بل يا رسول الله ويا نبى الله، واختلف فى يا أبا القاسم، فنهى عنه ابن عباس، وأجازه بعض وذلك فى حياته وبعد موته.

{ قد } للتحقيق، ولا حاجة الى جعلها للتكثير حقيقة أو استعارة للفظ القلة للكثرة، ولا الى جعلها لتقليل المتسللين فى جنب معلوماته { يعْلم الله الَّذين يتسَلَّلون منكم } يخرجون قليلا قليلا عن الخطبة فى خفة وخفاء، ومن للتبعيض او للابتداء { لِواذاً } مفعول مطلق على حذف مضاف، أى تسلل لواذا، وتضمين يتسلل معنى يلاوذ، أو حال أى ذوى لواذا، أو ملاوذين، واللواذ والملاوذة المساترة، يشير بعض المؤمنين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج لنحو رعاف فيلحقه منافق يوهم أنه من اتباعه، أو يشير منافق بنحو رعاف كذبا فيأذن له فقد يتبعه غيره كذلك، والخطبة ثقيلة على المنافقين، وصحت الواو بعد كسرة لصحتها فى الفعل، وهو لاوذ، ويلاوذ، ولو كان فعالا من لاذ يلوذ لقيل لياذا بقلبها ياء الكسرة قبلها، لأنها أعلت فى الماضى، وكذا لو كان مصدراً للاذ الثلاثى كقيام.

{ فليحذر الَّذين يخالفُون عن أمره } يعرضون أو يتباعدون أو يحيدون، أو يخرجون، ولذلك تعدى بعن، وأصله التعدى بنفسه، وذلك أولى من أن يبقى على ظاهره، وأن تجعل عن زائدة فى مفعوله، والهاء لله عز وجل أو للرسول، والأمر الطلب فى الوجهين، ويجوز تفسيره بالشأن على أن الضمير للرسول، والآية على العموم حتى إنها شاملة لمن لا يسلم من الرجال أو النساء عند إرادة الدخول فى بيوت الناس { أن تصيبهم فتنةٌ } بلاء فى الدنيا أو قتل أو جور سلطان أو قتل { أو يُصيبَهُم عذابٌ أليمٌ } فى الآخرة، أو الفتنة غير القتل، والعذاب القتل، وهو ضعيف لعدم تبادر ارادة القتل بالعذاب، وأو لمنع الخلو لا لمنع الجمع لجواز أن يصيبهم ذلك كله، والآية دليل على أن الأمر المطلق للوجوب لأن قوله: أمره بمعنى ضد النهى، أو ما يشمل النهى، بل النهى أمر أيضاً، لأنه أمر بالترك، وقد فسرته بالطلب، والطلب يشمل طلب الفعل، وطلب الترك، فإذا كان مخالفة طلبه توجب الفتنة أو العذاب الأليم، تبين أن ذلك الطلب إيجاب، وإذا كان الأمر غير مطلق بأن صرفه دليل الى الندب أو نحوه، مما ليس وجوباً فليس للوجوب، وإن جعلنا الأمر واحد الأمور وهو ما تقدم فى الايات فلا دليل إلا ان هذا ضعيف.