الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا ٱسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمُ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ إنما المؤمنون الَّذين آمنوا بالله ورَسُولِه } وعطف على الصلة قوله جل جلاله: { وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتَّى يستأذنوهُ } لأنه إذا لم يكن جواب الشرط إنشاء جاز التقييد به، فيكون أداة الشرط، وشرطها وجوابها خبراً للمبتدأ او لناسخ أو مفعولا ثانياً لما يدخل على المبتدأ أو الخبر، أو ثالثاً وحالاً ونعتاً وصلة، كما هنا كأنه قيل: الجامعون بين الايمان بالله ورسوله، وبين الاستئذان إذا أرادوا الذهاب عن أمره الجامع.

{ إنّ الذين يستأذنونَكَ } فى الذهاب، وفى كل ما يجب فيه الاستئذان { أولئك الذينَ يومنُونَ بالله ورسُولِه } وأما من لا يستأذنك فإيمانه كلا إيمان { فإذا استأذَنُوك } استأذنك أصحابك { لبَعْض شأنهم } لبعض مهماتهم أن يذهبوا إليه { فإذن لمنْ شئتَ منْهُم } ، ولا تأذن لمن لم تشأ، وإن شئت فأذن له أيضاً، وهذا تفويض فى الاجتهاد، وهذا شامل بالقياس للمجتهد بعده صلى الله عليه وسلم، لأن اختيار ما شاءه صلى الله عليه وسلم، أو شاءه المجتهد بعده قصد للصواب، وتحر له، لا حظ له ولا تشه، فالنبى صلى الله عليه وسلم فوض أن يجتهد فيمن يصلح ان يأذن له، ومن لا يصلح، وأما أن يقال: أحكم بما شئت بلا تحر، فلا يجوز إلا إن استوى الأمران، ولم يمكن الترجيح بوجه ما، وإن استويا كذلك، فإن مالت النفس لأحدهما فهو الذى يتركه إذ مالت إليه لغير أمر شرعى، واختلف إن قيل: احكم بما شئت تشهيا ألا يجوز أم يجوز أم للنبى خاصة، ولم يقع منه أو وقع أقوال.

{ واستغفر لهم الله } لأنهم أطاعوك واستأذنوك، وهل جزاء الاحسان إلا الاحسان، أو لأن الاستئذان، ولو لعذر قوى لا يخلوا من شائبه أمر دنيوى ولو بالفرح للإذن، إذ لم يحزنوا لذلك الاستئذان المعقب للإذن، يلتحق به صلى الله عليه وسلم فى ذلك سائر الأمة، ومن تولى الأمر لوجه الله مخلصاً، ويستأذن قطعاً فى الانصراف عن الغزو { إنَّ اللهَ غَفورٌ رحيمٌ } يقبل الإعذار.