الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْقَوَاعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّلاَتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عِلِيمٌ }

{ والقواعدُ مِن النِّساءِ } جمع قاعد بلا تاء كحائض وطامث، لا ختصاصه بمعناه فى النساء بأن تقعد عن الحيض، ولا تقوم فى شأنه لعدمه أو عن التزوج، إذ لا طمع لهن فى الأزواج لكبرهن أو عن كثرة الحركة لذلك، والكبر سبب لانقطاع الحيض، ولقلة الحركة، وعدم اللياقة للتزوج، فقال الله سبحانه وتعالى: { اللاتى لا يرجون نِكَاحاً } تزوجاً، والواو حرف هو آخر المضارع، وهو مبنى على سكون الواو الميت، والنون ضمير هو فاعل، ولشبه التى لا يرجون نكاحاً باسم الشرط فى العموم قرن بالفاء خبر موصوفه، هو ما بعد الفاء من قوله: { فليس عليهنَّ جناحٌ أن يَضَعْن } فى أن يضعن، أو بأن يضعن عنهن { ثيابَهنَّ } التى لا تنكشف العورة بوضعها، وهى كلها عورة إلا ما استثنى لكل أحد، أو لمحارمهن وهى غير الثياب التى تلى أبدانهن وشعورهن، والشعر أيضاً من البدن لا يظهرن الشعر والعنق والساق، ولكن يظهرن الوجه والكف والثياب الحسنة التى تحت الثياب الأخر.

{ غير مُتَبرِّجاتٍ بزينة } التبرج إظهار الزينة بقصد، وهو لازم لا متعد، لا يقال تبرجت المرأة زينتها بنصب زينتها على المفعولية، وإنما التعدى فى نفسه إذ كان بمعنى الاظهار، لا الى متعلقة، وسمى البرج برجاً لظهروه، وسفينة بارج ظاهرة لا غطاء عليها، والباء للتعدية أو الآلة أو الصحبة، والزينة ذراعها أو ساقها او نحو ذلك، أو ما تعلق بهن الجواهر التى يتزينَّ بها، وزينة عامة عموماً شمولياً لتقدم النفى عليها، وقد تظهر منها زينة، ولا بأس إذا لم تقصد صرف العين إليها كخمار مجود، وذراع أو عضد أو ساق، لا يشتهى، وقد تحمل عليه الآية بوجدان لا زينة لها فضلاً عن أن تظهرها.

{ وأَنْ يستعففْن } عن وضع ثيابهن { خيرٌ لهنَّ } من وضعها فقد يشتهى انسان ما لا يشتهيه الناس، كما قيل لكل ساقطة لا قطة { والله سميعٌ } بما يتكلم به الرجل مع المرأة { عليمٌ } بما فى قلوبهم ومقاصدهم.