الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ أَنزَلْنَآ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ }

{ لقد أنزلنا آيات مبيِّناتٍ } لما يليق بالحكمة بيانه { والله يَهْدى } بالتوفيق { مَن يشاء } هدايته به { الى صراط مستقيم } يوصل الى المقصود وهو الجنة، ومن خالفه كفر، ولو قال بلسانه: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما روى أن بشراً المنافق خاصمه يهودى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخاصمه بشر الى كعب بن الأشرف، ثم وافقه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحكم لليهودى فحاكمه بشر الى عمر، فقال اليهودى: قد حكم لى النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يرض، فقال لبشر: أكذلك، فقال: نعم، فقال: مكانكما، فدخل بيته فخرج بسيفه، فقتل به بشرا، وقال هكذا أقضى لمن لم يرض بقضاء الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونزل جبريل عليه السلام فقال أن عمر فرق بين الحق والباطل ولقب لذلك بالفاروق فنزل فى ذلك قوله تعالى:

{ ويقولون } أى المنافقون { آمنَّا بالله وبالرسول } الى قوله:أولئك هم المفلحون } [النور: 51] ولا مانع من أن يقال: إلىالفائزون } [التوبة: 20] وقيل: نزلت فى المغيرة ابن وائل، أقسم أرضا هو وعلى، فكان لعلى ما لا يصيبه الماء إلا بمشقة، فقال لعلى:بع لى سهمك، فاشتراه فندم لقلة ما يناله من الماء، ولأنها سبخة، وقال له: خذ أرضك، فان الماء لا ينالها، فقال له علي: قد علمت حالها، واشتريتها، فخاصمه على الى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: لا إن محمداً يبغضنى، فأخاف أن يحيف على فنزلت الآية فى ذلك.

فنقول: وقعت القصتان جميعا، فنزلت بعدهما، وإذا اتحد الفاعل فنزل القرآن بالجمع كهذه الآية، فلعموم الحكم، ولو خص السبب، أو لأن مع الفاعل من ساعده على فعله، وإذا فعل الفاعل فعله، ونزل القرآن بصيغة التكرار فلأن من شأن ذلك الفاعل أن يكرره، ولو لم يكرره لأنه أصر أو يحمل المضارع على طريق حكاية الحال الماضية لتكون كالأمر المشاهد، لا على التكرير.

{ وأطَعْنا } أى الله والرسول فى الأمر والنهى { ثم } لتراخى الرتبة { يتولى } يعرض عن الاطاعة المدعاة، أو عن مضمون قول آمنا بالله وبالرسول والطاعة { فريقٌ منهم من بعْد ذلك } المذكور من القول، والادعاء، وإشارة البعد الى القريب إعظام له فى التحريم، وكذا قوله: { وما أولئك } المنافقون القائلون آمنا بالله وبالرسول، الذين منهم الفريق المتولى { بالمؤمنين } المعهودين بالاخلاص والثبات، ويجوز عود ولو يقولون للمؤمنين، فيكون أولئك للفريق المتولى، فيكون ثم للاستبعاد، كأنه قيل كيف يدخلون فى زمرة المؤمنين الموفين مع نقضهم.