الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَٱلَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِّن مَّالِ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ آتَاكُمْ وَلاَ تُكْرِهُواْ فَتَيَاتِكُمْ عَلَى ٱلْبِغَآءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُواْ عَرَضَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُنَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ وليستعفف } أى يكف النفس عن الزنى، ومقدماته بالصوم كما فى الحديث، وبما أمكن كالجوع، وكالاشتغال بالعبادة، وعن كسب المال الحرام للتزوج { الَّذين لا يجدون نكاحاً } أسبابه، أو ما ينكح به من المال كركاب بمعنى ما يركب، أو امرأة منكوحة ككتاب، بمعنى مكتوب، ولا ينافيه قوله عز وجل: { حتى يغنيهم الله من فَضْله } ، لأن المعنى عليه حتى يغنيهم من فضله بوجودها، أو وجود مال يتزوجها به، وإن خاف الزنى لو لم يتزوج، والجور بمنع الانفاق عليها إن تزوج تزوج، وعالج الانفاق كذا قال بعض قومنا وعدمه أولى عندى، بل أوجب لقوله صلى الله عليه وسلم: " فليصم فإن الصوم له وجاء " وحق المخلوق كانفاق مقدم، ولا يجده فليترك التزوج.

{ والذين يبتغون الكتاب } مصدر كاتب يكاتب، يطلبون أن يقع الكتب بينكم، بأن تبيعوا لهم أنفسهم، فيكونون أحراراً بثمن تكتبون أنه يؤدى كذا وقت كذا، وكذا وقت كذا، وجاز لوقتين فصاعدا أو لوقت نقدا، فإن لم يجدوا التزوج قبل وجدوه إذا كوتبوا، وهم أحرار من حينهم عليهم دين لمكاتبهم، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " المكاتب عبد ما بقى عليه درهم " ففيما إذا قال السيد: إذا أعطيتنى كذا فأنت حر، وإلا فهو كسائر المبيعات يملكها من اشتراها من حين البيع { ممَّا مَلَكَت أيمانكم } من عبيد أو إماء، وفى الذين تغليب الذكور، وأول من كاتب عبد الله بن صبيح، سأل سيده حوطب ابن عبد العزة المكاتبة فأبى، فنزلت الآية، ويقال: أول من كتابه المسلمون عبد لعمر رضى الله عنه يسمى أبا أمية، ولفظ الكتابة إسلامى لا يعرف فى الجاهلية.

{ فكاتِبُوهم إن عَلمتم فيهم خيرا } الفاء فى خبر المبتدأ لشبهة باسم الشرط فى العموم، أو صلة على أن الذين منصوب على الاشتغال لئلا يخبر بالأمر، والأمر للندب على الصحيح، وقيل: للوجوب كما قال أنس: سألنى سيرين الكتابة فأبيت، فشكا الى عمر فأقبل علىّ بالدرة وتلا: { فكاتبوهم } الآية، وقال: كاتبه أو لأضربنَّك بالدرة، وهو ظاهر الأمر، لأن أصله الوجوب، وإن لم يطلبوا المكاتبة فلا وجوب، ولا ندب.

والخير أمانة وقدرة على الكسب، كما فسره صلى الله عليه وسلم بهما، وفى رواية إن علمتم حرفة فيزاد على هذه الرواية أمانة كما فى الرواية الأولى، لأن الحرفة لا تنفعه مع الخيانة، فانه معها يماطله، أو لا يعطيه البتة، ولم يشترط بعضهم الأمانة، وفسر بعضهم الخير بالمال، وفيه أنه لو كان كذلك لقيل: ان علمتم عندهم خيراً، أو اجيب بأن المراد قدرة على الكسب فعبر بما هو المقصود الأصلى، وفيه تكلف، وقيل الصلاح وهو وجيه، فإن لم يعرف الصلاح لم يجب ولم يندب اليه، لأنه قد لا يفئ بالمال، ويناسبه قول بعض أنه أن لا يضر المسلمين بعد الكتابة.

السابقالتالي
2