الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَآئِهِنَّ أَوْ آبَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيۤ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ ٱلتَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَامَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }

{ وقل للمؤمنات يَغْضضنَ من أبصارهن } مثل ما مرَّ ويحل لهنَّ ما رد الركبة أسفل، والسرة فوق من الأجانب والمحارم، والنساء بلا شهوة { ويحفظن فروجَهنَّ } مثل ما مر، وسحاق النساء زنى { ولا يُبْدين زينتهُنَّ } ما يتزين به من الحلى إذا كان فى المحل الذى لا يرى، فلا يحل النظر الى ما يعلقن بالأذن أو يلبسنه الذراع، أو الرجل أو العنق، أو الشعر، لا يرى نفس تلك الجوارح، فلا يبدين هؤلاء للأجانب، وإن نزع عن الجسد جاز إبداؤه والنظر اليه بلا شهوة.

{ إلاَّ ما ظَهَر منها } جرت العادة بظهور كالكحل فى العين، والنقط فى الوجه بالأسود أو الأحمر، أو غيرهما، والتحمير والبيض، والخاتم فى الأصبع، والخضاب فى الكفين، وفى رواية الذراعان ليسا بعورة، ولا تثبت عندنا، ولا عند جمهور قومنا، وتقدم أن الوجه والكفين عورات إذا كان فيهن زينة، وعليه فمما ظهر منها الثوب الحسن الداثر، والجلباب، كما روى عن ابن مسعود، وعنه: الثياب كما هو الزينة فى قوله عز وجل:خذوا زينتكم } [الأعراف: 31] وعن ابن عباس الكحل والخاتم والقرط والقلادة، أى إذا كان لا يظهر موضع القرط والقلادة، وكذا فى قول الحسن: إنه الخاتم والسوار وستر الوجه مطلقاً هو السنة.

{ وليضربنَ } يغطين { بخُمُرهنَّ } جمع خمار، وهو ما يستر الرأس من المرأة من الخمر، وهو الستر { على جُيوبهِنَّ } مخارج الرءوس والأعناق من الجبة والقميص من الجيب، بمعنى القطع، وذلك لأنه يبدوا من ذلك أعلى الصدر، فأمرن بستره، وكن يغطين رءوسهن بالخمر مسدلات من خلفهن، فيبدو العنق وأعلى الصدر، وسارعت نساء المهاجرين الى ضرب الخمر حين نزلت الآية.

وأما تسمية ما يخاط فى أعلى الجبة أو القميص لحفظ الدراهم مثلا جيبا فمجاز مرسل فى الأصل، علاقته الجوار أو الحلول فى الأصل، ثم صارت حقيقة عرفية عامة، وهؤلاء الآيات دالات على خطر البصر، فإن الاستئذان من النظر وستر الفرج، لئلا يرى، وابداء الزينة محرم لئلا ترى، وأمر الرجال والنساء بالغض، وأمرن بضرب الخمر على الجيوب، والناس يستصغرن النظر، ويتهاونون به.
كل الحوادث مبدؤها من النظر   ومعظم النار من مستصغر الشرر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها   فى أعين العين موقوف على الخطر
كم نظرة فعلت فى قلب فاعلها   فعل السهام بلا قوس ولا وتر
يستر ناظره ماضر خاطره   لا مرحباً بسرور عاد بالضرر
وليس فى ذلك تضييق كلى عليهن وعليكم، لأن لكم ولهن فسحة بغير ذلك للضرورة، وعدم وجود المانع فى قوله تعالى: { ولا يُبدينَ زينتهنَّ إلاَّ لبُعُولتهن } الى قوله: { أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء } والبعولة جمع جمع لبعل أو جمع وهم أزواجهن، وقدموا لأنه لم يحجر عليهم شىء منها، ولو نظر من زوجه داخل فرجها، وكره بعضهم النظر الى فرجها، حتى إن للزوج ضربها على ترك الزينة ولأزواجهن خلقن للتمتع والولادة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6