الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَهْلِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

{ الخبيثات } بالمعاصى وعدم العفة من النساء { للخبيثين } كذلك من الرجال على حد ما مر فى قوله:الزانى لا ينكح إلاَّ زانية } [النور: 3] الخ. { والخبيثون للخبيثات } كذلك أو الكلمات الخبيثات تثبت للخبيثين من الرجال والنساء، يذمهم الله والمسلمون بها، كاللعنة والغضب من الله، أو الكلمات الخبيثات للخبيثين من الرجال والنساء، تصدر منهم على المؤمنين، وفى هذين الوجهين تغليب الذكور فى الخبيثين.

{ والطيبات } بالطاعة والعفة { للطيبين والطيبون للطيبات } ورسول الله أطيب الأطيبين فلا يجعل الله زوجه إلا طيبة، ومن قذفها ضل وخالف الصواب.
إن الطيور على أشباهها تقع   
أو الكلمات الطيبات للطيبين من الرجال والنساء مدحاً من الله، والمؤمنين لهم كرحمهم الله ورضى عنهم، أو الكلمات الطيبات للطيبين من الرجال والنساء، تصدر منهم للمؤمنين كالمدح والتبرئة من السوء والدعاء بالخير، وفى هذين الوجهين تغليب الذكور فى الطيبين { أولئك } الطيبون أهل البيت النبوى رجالاً ونساء، ودخلت عائشة أولاً والنبى صلى الله عليه وسلم وعائشة وصفوان رضى الله عنهما، وقال الفراء النبى صلى الله عليه وسلم وعائشة إطلاقاً للجمع على اثنين { مبرَّءون مما يقُولُون } مما يقول أهل الإفك أو يقول الخبيثون.

{ لهم مغفرةٌ } عظيمة لذنوبهم، ولا يخلو الانسان من ذنب { ورزقٌ كَريم } الجنة كما قال فى أزواجه:وأعتدنا لها رزقاً كريماً } [الأحزاب: 31] وهو الجنة، وما غلظ فى القرآن لأحد ما غلظ لعائشة، وكانت تفتخر على ضراتها بذلك، وبنزول الآيات فى مدحها وبراءتها، وبنزول جبريل بصورتها فى حريرة بيضاء عليه صلى الله عليه وسلم حين آمر بتزويجها، وبأنه تزوجها بكراً، وبأنه أتاه الوحى وهو معها فى لحاف، وبأنها أحب نسائه إليه، وأنها رأت جبريل، أنه صلى الله عليه وسلم قبض فى بيتها، وأن رأسه فى حجرها، وأنه دفن فيه لم يله أحد غيرها وغير الملك، وحفته الملائكة فى بيتها، وأن أباها خليفته وصديقه، وأنها خلقت طيبة، ووعد لها رزق كريم، ومغفرة.

ومن ذلك حديث " فضلها على النساء فضل الثريد على الطعام " قالت: هجرنى القريب والبعيد، حتى الهرة، أنام جائعة وظامئة، ولا يعرض علىَّ طعام أو شراب، فرأيت فتى قال: مالك؟ قلت: حزينة لما يقال، قال قولى يفرج الله عنك: يا سابغ النعم، ويا دافع النقم، ويا فارج الغمم، ويا كاشف الظلم، يا أعدل من حكم، يا حَسْب من ظلم، يا ولى من ظُلم، يا أول بلا بداية، ويا آخر بلا نهاية، يا من له اسم بلا كنية، اللهم اجعل لى من أمرى فرجاً ومخرجاً، فانتبهت ريانة شبعانة، قد أنزل الله تعالى براءتى، وهو دعاء الفرج.

ويناسب الاحصان فرض الاستئذان قالت امرأة: يا رسول الله يفاجئنى فى بيتى داخل على حال لا أحب أن يرانى فيها أحد، فنزل قوله تعالى:

{ يا أيها الَّذين آمنوا لا تدْخلوا بيوتاً غير بيُوتِكُم حتى تستأنسُوا } الخ من فيها ولو غير ملاكها، فسر ابن عباس رضى الله عنهما الاستئناس بالاستئذان، لأن الاستئناس طلب الايناس، وهو العلم أو الابصار، والابصار طريق الى العلم، فالاستئناس طلب العلم، والمستأذن يطلب أن يعلم، هل يؤذن له، أو الاستئناس طلب الأنس بضم الهمزة ضد الوحشة، ومريد الدخول كالمستوحش من خفاء الحال، هل يؤذن، فإن أذن له حصل له الأنس، أو الاستئناس طلب معرفة هل فى البيت إنس بكسر الهمزة أو من هو أى ناس أو واحد ليأذن له، وهو اشتقاق من اسم العين، كعانه أَبصره بعينه، وأنف مسرج اشتقاقا من السراج، وهو ضعيف لهذا الاشتقاق، ولأن ذلك أنه يدخل بلا إذن ولا تلوم الضعفين مناسبة، فإن لم تجدوا فيها أحداً أو حتى تطلبوا علم أهل البيت بأنكم تريدون الدخول فيأذنوا أو يتركوا، بأن تسبحوا أو تحمدوا أو تكبروا طلباً للإذن أو تؤنسوا أهل البيت بإعلامهم بالتسبيح ونحوه، كالتنحنح أو تؤنسوا أهل البيت من أنفسكم بالاستئذان ونحوه فيأذنوا أو يتركوا، كما جاء به الحديث، وتؤنسوا أنفسكم بأنه قد علم بكم وهو ضعيف.

السابقالتالي
2 3