الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ مَّا ٱكْتَسَبَ مِنَ ٱلإِثْمِ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

{ إنَّ الَّذين جاءوا بالإفك } الكذب العظيم، وهو قذف عائشة وصفوان بالزنى { عُصبةٌ } جماعة، وأصله الجماعة المتعصبون، قلُّوا أو كثروا، وكثر فى العشرة الى الأربعين، وهنا خمسة أو أربعة أو ستة كما ترى إن شاء الله { منْكُم } أيها المؤمنون، ولو كان فيهم منافق بإضمار الشرك، وهو عبد الله بن أبى بن سلول، لأنه فى الظاهر مؤمن أى من اهل ملتكم، فشمل النبى صلى الله عليه وسلم، أو منكم أيها الناس المدعون النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبى المذكور، وحمنة بنت جحش أخت ام المؤمنين زينب رضى الله عنها، وزوج طلحة بن عبيد الله، ومسطح بن أثاثة، وحسان وغيره، ولم يعده بعض، قيل وزيد بن رفاعة ولم يصح فيه نقل، وقيل خطأ، وكذب حسان من عده فى هؤلاء وبرأ عائشة رضى الله عنها فى أبيات توجد فى ديوانه:
حصانٌ رزانٌ ما تزن بريبة   وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
حليلة خير الناس ديناً ومنصبا   نبى الهدى ذى المكرمات الفواضل
عقلية حى من لؤى بن غالب   كرام المساعى مجدهم غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها   وطهرها من كل سوء وباطل
فإن كنت قد قلت الذى قد زعمتم   فلا رفعت سوطى إلىَّ أناملى
فكيف وودى ما حييت ونصرتى   لآل رسول الله زين المحافل
له رتب عال على الناس كلهم   تقاصر عنه سورة المتطاول
فإن الذى قد قيل ليس بلائط   ولكنه قول امرئ بى ما حل
ولما قال البيت الأول قالت لكنك لست كذلك، أقرع صلى الله عليه وسلم بين نسائه فى غزوة بنى المصطلق سنة ست، فاصابتها القرعة، فخرج بها، ولما قربوا من المدينة فى رجوعهم خرجت عن الجيش لحاجة الإنسان فرفعوا الهودج على البعير يظنونها فيه لخفتها، بالصغر ولخفة النساء حينئذ بقلة الأكل، ورجعت الى المحل ففقدت فى رجوعها عقداً من جزع ظفار، فاشتغلت بطلبه، ثم وصلت المحل فلم تجد احداً، وانتظرت رجوعهم ونامت غلبة، وقد تخلف صفوان بن المعطل عن الجيش، فبلغ المحل فوجدها وقد عرفها قبل نزول الحجاب، فخمرت وجهها.

قالت: والله ما كلمنى ولا كلمته إلا انه قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، وأناخ راحلته فوطئ على يديها فركبت وقاد بى فوصل الجيش فى الظهيرة، فتولى الإفك ابن أبى بن سلول، وخاض الناس معه، ومرضت شهراً ولا أدرى ما يقال، وخرجت للبراز ولا كنيف يومئذ فى الديار مع ام مسطح، فعثرت بذيلها فقالت: تعس مسطح، فقلت: أتسبين شاهد بدر؟ فقالت ألم تسمعى ما قال؟ فقلت: لا، فأخبرتنى، وذهبت الى أبوىّ بإذنه صلى الله عليه وسلم، لأتحقق الأمر، فقالت أمى أم رمان زينب بنت دهمان: لا وضيئة عند رجل لها ضرائر إلا كثرن عليها، فبكيت ليلتى، وما نمت فدعا صلى الله عليه وسلم عليا وأسامة فقال أسامة: هى أهلك، ولا نعلم إلا خيراً، وقال على: النساء كثيرة سواها، ولكن سل الجارية بربرة، وروى أنه ضربها وقال أصدقى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه قال: قد قال الناس، ولك طلاقها، وهو كلام لا بأس به.

السابقالتالي
2 3