الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

{ ولو رحمناهم } فعلنا مقدمات الكشف فى قوله: { وكَشفنا } أو الرحمة الكشف، فسترت به { ما بهم منْ ضر } وهو تعذيبهم بالقتل، والافضاء بهم الى عذاب الآخرة فى قبورهم، بإرجاعهم الى الدنيا { للجُّوا } تمادوا { فى طغيانهم } هو الاشراك بالله سبحانه وتعالى، وعداه رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.

{ يعْمهُون } حال مترددين فى الضَّلال، او يراد بالضر ما هم فيه من شدة الخوف من القتل والسبى بعد بعد، ولا يجوز تفسيره بالجوع فى سبع سنين، ولا بالجوع الذى أصابهم بمنع تمامه عنهم ميرة اليمامة، لأن لو للنفى، والجوع زال.

كان صلى الله عليه وسلم يصلى عند البيت، فألقى عليه سلاء جزور حال سجوده، فدعا عليهم بالقحط سبع سنين كسنى يوسف، وفى ذلك قيل بعد بدر:
سلوا عنهم يوم السلا إذ تضاحكوا   فصار بكاء عاجلا لا يؤجل
ومكث شهرا بعد الهجرة يدعو بعد رفع رأسه من الركعة الثانية من الفجر، بعد سمع الله لمن حمده: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة ابن هشام، وعياش بن أبى ربيعة، والمستضعفين بمكة، اللهم اشدد وطأتك الخ، وقد يفعل ذلك بعد الرفع من ركوع الركعة الأخيرة من العشاء.

وأسرت سرية محمد بن مسلمة ثمامة بن أثال، وأسلم بعد ثلاثة أيام، وخرج معتمراً، ولبى فى بطن مكة، وهو أول من دخلها ملبياً، ولذا قال بعض قومه، وهم بنو حنيفة:
ومنا الذى لبى بمكة معلناً   برغم أبى سفيان فى الأشهر الحرم
فزجرته قريش على إسلامه فأجابهم: بأن دين محمد خير دين صلى الله عليه وسلم. وقال: والله لا تصل إليكم حبة من اليمامة حتى يأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضرهم الجوع حتى أكلوا العلهز، فكتبوا اليه صلى الله عليه وسلم: ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين، وقد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع، إنك تأمر بصلة الرحم، وقد قطعت أرحامنا.

فكتب صلى الله عليه وسلم الى ثمامة رضى الله عنه: " خل بين قومى وميرتهم " ففعل، وقيل جاءه أبو سفيان فقال ذلك، ويجمع بأنهم كتبوا وجاء بكتابهم.