الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ }

{ فَكأيِّن مِن قْريةٍ أهلكنَاهَا } بمعنى كثير مبتدأ أو منصوب على الاشتغال، والأصل عدم الحذف، ولكن الاشتغال موافق للجملة الفعلية قبلها، وأما ما قيل كون كأين منصوبة بمضمر قليل فلا دليل له، بل هى من جملة المحتمل، وقرية اسم لأهلها مجازاً، أو يقدر أهلك أهلها، ويجوز أن يكون الإهلاك استعارة لعدم الانتفاع بها لهلاك أهلها { وهى ظالمةٌ } حال من ضمير النصب فى أهلكناها، وإسناد الظلم أيها مجاز أو يقدر وهى ظالمة الأهل، أو أهلها ظالمون.

{ فهى خاوية } ساقطة { على عروشها } سقوفها تسقط أولا الى الأرض، ولو تعددت ثم تسقط عليها الحيطان، وكأنه اعتبرته الحيطان كل البنيان لكونها العمدة فيه، وذلك أولى من أن يقال: تسقط الحيطان على السقوف باقية على حالها على حيطانها، أو خاوية بمعنى خالية من أهلها، ومثل خوى البطن من الطعام وعليه، فعلى عروشها بمعنى مع بقاء عروشها، أو على عروشها خبر ثان، أى قائمة على عروشها الساقطة، فالسقوط ساقطة، والحيطان باقية مشرفة عليها، وأسهل من ذلك تقدير مضاف هكذا، فحيطانها خاوية.

{ وبئر } فى الصحراء البادية { معطلة } عن الانتفاع بها لهلاك أهلها، سميت بئراً لأنها بئرت بمعنى حفرت، سواء بالهمز أو بالياء، فعيل بمعنى مفعول فى الأصل { وقَصْر مَشيدٍ } مرفوع أو بنى بالشيد، أى الجص أو ملطخ به، والعطف على قرية، فضمير النصب فى أهلكناها شامل للبئر، والقصر مسلط الإهلاك عليهما والتكثير على حد ما مر فى القرية، وأكد إهلاك البئر بذكر زيادة التعطيل، وقيل ذلك عطف على معمول عاملين أى وكأين من بئر وقصر مشيد أهلكناها، ومعنى إهلاك البئر مع أنها معطلة الإخبار بأن تعطيلها بإهلاك أهلها، أو يقدر: وكم من بئر معطلة أهلكنا أهلها، وصار تعطيلها بإهلاكهم، وكم قصر مشيد أخليناه بإهلاك أهله.

ومن جملة تلك الآبار والقصور بئر اهل عدن من اليمن وهى الرس، وقصر لعاد الثانى، ومنها قصر على جبل بحضرموت، وبئر بسفحه، نزل عليها صالح عليه السلام مع أربعة آلاف آمنوا به، وسميت القرية حضرموت لموته فيها، وقيل مات فى عكا، ومن ذلك قرية بناها قومه عند البئر، وأمروا عليها جلهس بن جلاس، وعبدوا صنماً، وأرسل إليهم حنظلة ابن صفوان قتلوه فى السوق، فأهلكت قريتهم وبئرهم.